الأحد. ديسمبر 29th, 2024

أروى الدرمول، باحثة في قانون وسياسات الاتحاد الإفريقي :بريتوريا-جنوب إفريقيا-11-02-2021

تحيي جنوب إفريقيا وأحرار القارة، في الحادي عشر من فبراير من كل سنة، ذكرى الإفراج عن رمز النضال الإفريقي نيلسون مانديلا ضد الميز العنصري. 

 

 

 

 

 

النشأة و الدراسة الجامعية:

ولد نيلسون روليهلاهلا مانديلا في قبيلة الهوسا (Xhosa).كان والده زعيما لقبيلة التيمبو، وتوفي حين كان نيلسون طفلاً صغيراً، ليتم  إعداد الفتى لتسلم موقع أبيه، وهو ما جرى لاحقاً بالفعل، ليصبح نيلسون مانديلا زعيم قبيلة التيمبو.

تلقى مانديلا تعليماً جيداً  برغم ما لاقاه  من عراقيل حيث واصل دراساته العليا بتحضير شهادة في الحقوق في جامعة “ويتوارساند”.


النشاط الثوري :

انخرط نيلسون مانديلا مبكرا في النشاطات الوطنية المقاومة لسلطة الأقلية البيضاء التي كانت تفرض سياسة تمييز عنصري ضد السود، حيث  التحق بصفوف المؤتمر الوطني الإفريقي عام 1942، دفاعاً عن الحقوق السياسية والاجتماعية والإقتصادية للأغلبية السوداء.  
بدأت قيادته لقوى المعارضة الرافضة لنهج  الحزب القومي (العنصري) من قبل البيض على أثر فوزه سنة 1948 في الإنتخابات العامة، متبنيا سياسات الفصل العنصري وإدخال تشريعات عنصرية في مؤسسات الدولة.

مانديلا بعد جلسة محاكمته في عام 1958 ، عندما اتهم بالعمل على مناهضة ضد الفصل العنصري

 

اتسمت  المعارضة التي كان يقودها مانديلا في بادئ الأمر بالنهج السلمي ومناهضة العنف أسوةً بفكر الزعيم الهندي غاندي و كان نيلسون قد اعتمد سياسة المقاومة غير المسلحة ضد سياسات التمييز العنصري، لكن  سرعان ما تحولت الأمور في العام 1960  حيث تم  إطلاق النار على متظاهرين عزل  في مظاهرة شارك فيها 5000 من السكان السود في حي شاربفيل الفقير. ما أسفر عن وقوع  69 قتيلا، كما تم  إقرار قوانين تحظر الجماعات المضادة للعنصرية الأمر الذي شكل  منعرجا هاما في مسار نيلسون مانديلا السياسي وفي كفاحه ضد سياسة الآبارتايد و دفع به إلى حد القطيعة مع فلسفة نبذ العنف لينتهج الكفاح المسلح  فتم  فتح الباب للمقاومة المسلحة بقرار من مانديلا وزعماء المجلس الإفريقي القومي،.وأصبح مانديلا رئيساً للجناح العسكري للمجلس الإفريقي القومي  سنة 1961 .


السجن :

في الخامس  من  أعسطس  سنة 1962 اعتقلت السلطات العنصرية نيلسون مانديلا و ألقت به في السجن،وحكم على مانديلا عام 1963 بالسجن مدى الحياة.  

احتجاج نسائي لإطلاق سراح   مانديلا خارج بلدية جوهانسبرغ 1962



بدأت سنوات  سجنه المؤبد في 1964  حيث قضى مانديلا  18 سنة في زنزانة بجزيرة روبن معزولاً عن باقي السجناء  و تعرض للعديد من المضايقات من قبل السجانين، ولم تكن زوجته ويني قادرة على زيارته كثيراً آنذاك  نظراً لتكرار سجنها بسبب نشاطها السياسي.
بداية من أواخر  الستينات  بدأت  ظروف السجن في التحسن، حيث سمح لنيلسون مانديلا  بعدد أكبر من الزيارات والتراسل.
 بدأ كتابة سيرته الذاتية سنة 1975, حيث كانت تهرّب إلى لندن دون نشرها.. تم نقله في 1982 إلى سجن بولسمور  حيث الأوضاع أفضل مما كانت عليه في جزيرة روبن.
تصاعدت أعمال العنف في أنحاء البلاد وتم عرض  الإفراج  عنه من السجن شريطة  “التخلي عن العنف كسلاح سياسي دون قيد” إلا أن هذا العرض لاقى رفض مانديلا الذي أصدر بيانا افتتحه بقوله “ما قيمة الحرية المعروضة عليّ في حين أن منظمة الشعب [ANC] لا تزال محظورة؟ فقط الأحرار يمكنهم التفاوض، و لا يمكن للسجين أن يتدخل في عقود!”
في ديسمبر 1988، تم نقل مانديلا إلى سجن فيكتور فيرستر وهناك، وجد راحة نسبية في منزل الحراس مع طباخ شخصي، واستغل الوقت للتحضير لشهادة  الحقوق.
أصبح مانديلا  رمزاً للكفاح ضد التمييز العنصري في أعين الرأي العام مما اضطر سلطات نظام التمييز العنصري إلى إخراج مانديلا من السجن، أمام تزايد الضغط الدولي، ووضعه رهن الإقامة الجبرية  في ديسمبر 1988.    

الحرية المستعادة  :


 أطلق سراح  نيلسون مانديلا، البالغ 71 سنة آنذاك  في الحادي عشر من فبراير 1990 لتنهي  بذلك ما يقارب ثلاثة عقود في سجون نظام التمييز العنصري. 

وجاء الإفراج عنه بعد قرار رفع الحظر على نشاطات  المؤتمر الوطني الإفريقي  من قبل رئيس جنوب إفريقيا فريدريك دي كليرك في  يوليو 1989 حيث  صرح مانديلا وقتها بأن الأسباب التي بررت  تبني الكفاح المسلح لا تزال قائمة ولم يتم التخلي  عنه إلا في  السادس من أغسطس حين أعلن  المؤتمر الوطني  تخليه عن الكفاح المسلح بناء على اتفاق مع  الحزب الوطني  الحاكم.

 


وقررت لجنة جائزة نوبل للسلام تكريم نيلسون مانديلا  بالإضافة إلى رئيس جنوب إفريقيا فريدريك دي كليرك معاً، في أكتوبر 1993، نظير دورهما  الهام في  المصالحة الوطنية  وطي صفحة  التمييز العنصري  بعد أن قررت حكومة دي كليرك إسقاط ما تبقى من قوانين التمييز العنصري سنة 1991. 
وتم انتخاب نيلسون مانديلا رئيسا للجمهورية في أول انتخابات متعددة الأعراق تشهدها البلاد في تاريخها في أبريل 1994، حيث  بادر الزعيم الجنوب الإفريقي فور انتخابه  بإنشاء لجنة الحقيقة والمصالحة التي تهدف إلى المصالحة   الوطنية وتضميد جراح الماضي  و رد الإعتبار للمواطنين.
وبعد  سنوات من العطاء، غادر مانديلا  النشاط السياسي المؤسساتي في العام 1999 ليترك كرسي الرئاسة لرفيق الكفاح ثابو مبيكي.

 

بعد عدة أشهر من إخلاء سبيله ،زار نيلسون مانديلا طرابلس والتقى الزعيم  الليبي معمر القذافي الذي كان في طليعة القادة الذين دعموا النضال ضد التمييز العنصري في جنوب إفريقيا.

وقبل حتى أن يفكر القائمون على جائزة نوبل بمنح مانديلا الجائزة بعد خروجه من السجن،بادرت ليبيا بمنح جائزة القذافي لحقوق الإنسان إلى مانديلا وهو لا يزال مسجونا،في حين كان الغرب كله يدعم النظام العنصري آنذاك،وعلى سبيل المثال لا الحصر، وصفت رئيسة الوزراء البريطانية مارغاريت تاتشر،حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذي كان يقود النضال ضد الأبارتايد بأنه”منظمة

إرهابية”عندما كان مانديلا في السجن، وصرحت حينها بأن “من يعتقد بأنه سيحكم جنوب إفريقيا لاحقا مختل عقليا”! وكان النظام العنصري في جنوب إفريقيا يعتبر بريطانيا قويا له.