الأثنين. نوفمبر 18th, 2024

16-09-2021

“أتعهد رسمياً بأن أمارس مهامي وسلطاتي كمدّع عام للمحكمة الجنائية الدولية بشرف وأمانة وحياد ووفقا لما يمليه الضمير”، هذا ما قاله المحامي البريطاني كريم خان عند أدائه القسم متعهّدا بالعمل بشرف وأمانة وحياد.
وتعتبر المحكمة الجنائية الدوليّة الكيان الوحيد المخوّل له بالتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية، ويقع مقرّها بمدينة لاهاي الهولندية.

فمن هو المحامي كريم خان

ولد كريم خان في العاصمة الأسكتلندية، إدنبره، في 30 مارس 1970، تحصّل كريم خان على شهادة البكالوريوس في القانون مع مرتبة الشرف من كلية الملك جورج بجامعة لندن.
وحاز خان على لقب مستشار قانوني للملكة (QC)، كما أنّه عضو في مكتب المحاماة المعروف باسم “تمبل غاردن تشيمبرز” في لندن، وهو كذلك متخصّص في القانون الجنائي الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
انتخب أعضاء المحكمة الجنائيّة الدوليّة المحامي البريطاني المسلم ذي الأصول الباكستانية، كريم خان مدّعيا عامًا للتسع سنوات المقبلة، خلفًا للغامبية فاتو بنسودا، كثالث مدّع عام في تاريخ المحكمة التي تأسست في العام 2002.
ويعدّ مكتب الادّعاء أهمّ أجهزة المحكمة الأربعة، والمتكونة أيضا من هيئة الرئاسة والشعبة القضائية وقلم المحكمة.
وقد تحصّل خان على أصوات 72 دولة من إجمالي 123 دولة في الجولة الثانية من التصويت، ليتغلّب بذلك على المرشحين الآخرين من إيرلندا وإيطاليا وإسبانيا.
وعلى امتداد مسيرة قانونية تواصلت لمدّة سبعة وعشرين عاماً، شارك خان في أغلب المحاكمات الجنائية الدوليّة إلى جانب محاكمات محليّة، في مواقع تباينت بين ممثّل للادعاء وممثّل للدفاع ومستشار قانوني للضحايا.
على عكس سلفيه، الغامبيّة فاتو بنسودا والأرجنتيني لوي مورينو أوكامبو، لم تتم الموافقة على تعيين خان بالإجماع من قبل الدول الأعضاء، لتعيّن المحكمة، ولأول مرة في تاريخها، لجنة دولية لتيسير عملية ترشيح وانتخاب مدّع عام يتوفّر على أخلاق رفيعة وكفاءة عالية وشرط تميز المدّع العام الجديد بـخبرة عملية واسعة في مجال الادعاء أو المحاكمة في القضايا الجنائية.
حفلت مسيرة عمل المحامي خان بدفاعه عن قادة أفارقة متهمين بارتكاب أبشع الجرائم ضدّ الانسانية، وتضمّ القائمة كلا من رئيس ليبيريا السابق، الدكتاتور تشارلز تايلور الذي أدانته المحكمة الخاصّة لسيراليون بالسجن 50 عاما بتهمة ارتكاب جرائم حرب وأخرى ضدّ الإنسانية.
كما تولّى كذلك الدفاع عن ثلاثة قياديين في حركات متمرّدة في دارفور؛ بحر ادريس أبو قردة وعبد الله باندا وصالح جاموس، المتهمين بضلوعهم عن هجوم مسلّح على قاعدة بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في العام 2007، والذي أودى بحياة 12 عنصرا من البعثة.
كما دافع خان عن سيف الإسلام، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، المتّهم من المحكمة الجنائية بجرائم ضدّ الإنسانية جرّاء دوره في قمع انتفاضة فبراير 2011.
بعد الحكم عليه بالسجن 18 عامًا، تمكّن خان من تبرئة موكّله، نائب رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية السابق، جان بيير بيمبا، من تهم جرائم حرب ارتكبها جنوده في إفريقيا الوسطى بين عامي 2002 إلى 2003.
ولئن تمكّن خان من تبرئة المحكمة الجنائية لموكّله جان بيير بيمبا، نائب الرئيس السابق لجمهورية الكونغو الديمقراطية 2002 و2003، بعد أن دين بالسجن 18 عاما، ونظرا لمرافعاته المعروفة بالدهاء أمام المحكمة الجنائية في قضيتين، تتعلقان بأعمال عنف عرقية أعقبت الانتخابات الكينية للعام 2007، والتي كانت الأكثر جدلا في تاريخ المحكمة الجنائية، هذا ما جعل فئة كبيرة من الكينين يصفون خان بأنّه “محامي الشيطان”، حيث ترافع بدهاء وشغف عن فرانسيس موثورا، الرئيس السابق للخدمة العامة في كينيا، وقد نجح في إجبار مكتب الادعاء على إسقاط التهم المتعلّقة بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية عن موكّليه، بعد اختفاء بعض شهود الادعاء وحادثة اغتيال أحدهم وتراجع الآخرون عن شهادتهم وفي وقت لاحق اعترفوا بتلقيهم للرشاوى.
لقد تمكّن كريم خان من تقلّد منصب المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدوليّة، وهو يدرك تماما أنّه في حال استئناف أو إعادة فتح عدد من القضايا الآنفة الذكر والتي لم تغلقها المحكمة الجنائية بعد، فسيضطر إلى أن يوكّل أحد زملائه في مكتب الادّعاء لينوب عنه. ومثّل هذا السيناريو أحد أبرز الانتقادات التي وجهتها اللّجنة لترشيحه.
من الجليّ أنّ المحامي البريطاني لم يُعر اهتماما لتضارب مصالحه مع مصالح عائلات الضحايا ومصلحة محكمةٍ تلاحقها أزمة مصداقية، لم تؤّمن إلا خمس إدانات مهمّة من أصل 30 قضية، وتكاد تقتصر على ملاحقة الأفارقة دون غيرهم، طوال الـ 18 عاما منذ تأسيسها، فالمحكمة تحتاج اليوم لتطبيق نحو 400 توصية، خرج بها تقرير تحقيق لجنة خبراء السنة الماضية لتحسين أدائها، وأوصى التقرير بتوفير جو عمل يخلو من الخوف أو انعدام الثقة بين موظفيها، ومجابهة ثقافة التسلط وهدر الموارد وغيرها من سلوكياتٍ لا تليق بمحكمةٍ تتطلّع إليها شعوب العالم لتحقيق العدالة بين الشعوب.

فكيف ستكون مهمّة كريم خان كمدّع عام لمحكمة الجنايات الدوليّة؟