تونس-29-7-2021
اتخذ الرئيس التونسي قيس سعيد جملة من التدابير و القرارات بناءا على الفصل 80 من الدستور و الذي يعطيه حق التّدخل اذا ما عاشت البلاد ظروفا استثنائية تشكّل خطرا على كيانها أو أمنها أو استقلالها من خلال إيقاف السير العادي لدواليب الدولة تلبية لإرادة الشعب التونسي ،وتلبية لإرادة شعب كان ضحية لحرب المصالح بين السياسيين وإستهلك طيلة عشر إستجاب الرئيس للهبّة الشعبية.
وجاءت هذه القرارات نتيجة للرفض الشعبي القاطع للطبقة السياسية الحاكمة التي توصف بالفاسدة وإقرارا بفشلها في إدارة شأن البلاد و تحقيق مطالب الثورة “العدل” ، “الحرية” و”الكرامة الوطنية” .
عشرية سوداء بعد ثورة 2011
أجمع الشعب التونسي على تردّي الظروف الاجتماعية والاقتصادية والصحّية في البلاد طيلة عشرية سوداء ونادى بأهمية محاربة هذه المنظومة التي دمّرت البلد،، فحين يشتد الفقرو البطالة و الجوع و التهميش و الظلم تحت مسمى ” الديمقراطية ” التي تزعمها القوى الحاكمة في صراعها حول السلطة و النفوذ يثور التونسيون.
وقد مثّلت المحسوبية سمة رئيسية من سمات سياسة حركة النهضة الإخوانية التي انتدبت الآلاف من مناصريها في الوظيفة العمومية تحت مسمى العفو التشريعي العام ، في حين ظل أبناء الشعب المفقّر يعاني الخصاصة والبطالة .
كما لا يخفى علينا ارتفاع نسبة الجرائم في تونس و ذلك حسب ما صرح بيه الباحثون في ، ما جعل التونسي إضافة الى سوء أوضاعه الاقتصادية يعيش حالة من الخوف والهلع ، يأتي ذلك كنتيجة للاستراتيجيات الفاشلة للاخوان المدافعون بدرجة أولى عن مصالحهم الخاصة .
أما بخصوص الأوضاع الاقتصادية ، فقد كشف المعهد الوطني للاحصاء تراجع النمو الاقتصادي خلال 2020 بـ 8.8% .
كما أشار الخبراء الى أن قيمة الديون الخارجيية المتراكمة للبلاد التونسية بلغت 30 مليار يورو في حين قدرت احتياطاتها فقط ب 7 مليار يورو .
و بناء على ذلك ، لم تثبت الطبقة السياسية في تونس جدارتها الا في عجزها الشديد عن التسيير الناجع لدواليب الدولة في مقابل نجاحها في تعميق أزمة البلاد .
ساهمت كل هذه الأوضاع المتردية في تصاعد وتيرة التحركات الاجتماعية هذه الفترة ، لكنها لم تحظى بأي اهتمام من الحكام بل على عكس تماما فقد تعرضت لمختلف أنواع القمع السياسي والأمني ، إلا أنّ احتجاجات الشعب في 25 يوليو الفارط قد حققت هدفها تزامنا مع الاحتفال بعيد للجمهورية ليبدأ مسار جديد للشعب التونسي نحو التحرر من قيود الاخوان من خلال جملة القرارات التي أعلنها قيس سعيد إنصافا لشعبه و احتراما لإرادته .
قيس سعيد يستجيب لاستغاثة الشعب
عاشت البلاد في 25 يوليو احتجاجات شملت عدّة مناطق من البلاد التونسية، و بالرغم من مختلف العراقيل المعهودة التي لطالما اُعتمدت لإفشال التحركات الشعبية ، الا أن المظاهرات تُوجّت باتخاذ رئيس الجمهورية جملة من التدابير لإخراج الشعب من وحل العشرية السوداء ، فكان له إلا أن يعتمد الفصل 80 من الدستور و يقوم بإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه و تجميد جميع اختصاصات مجلس النواب لمدة ثلاثين يوما و رفع الحصانة عن كافة النواب مع توليه السلطة التنفيذية مؤقتا حتى يتم تعيين رئيس حكومة جديد .
و قد كان لهذه القرارات وقع كبير على السياسيين خصوصا الحزب الاخواني ( النهضة) ، حيث إتّهم رئيس البرلمان المجمّد راشد الغنوشي في حديث لقناة الجزيرة قيس سعيد بالانقلاب من خلال مخالفة القانون ، مشدّدا على انه لن يتنازل عن أداء مهامه خاصّة مع انعدام الاستثناءات التي ينص عليها الفصل 80 حسب تعبيره .
في المقابل فقد أطلق الشعب شُعلة النصر في الشوارع و الأحياء ، في وقت بدأته فيه حركة النهضة في بث الفوضى و العنف باعتماد أجندتها و مختلف وسائل الضغط مطالبة بالعودة قسرا للسلطة .
من جهته عبّر قيس سعيد عن تمسّكه بمطالب الشّعب و أنه سيتخذ جملة من الاجراءات ليقع محاسبة كل المذنبين من الطبقة السياسية الذين ساهموا في وصول حال البلاد الى هذه الوضعية المتردية .
يبدو أن شهر يوليو أصبح شهرا حالك السواد وذكرى أليمة لدى تنظيم الإخوان ، حيث فيه سقطت الجماعة فى مصر، لتتخذ منها الدول الأخرى نموذجا تحتذى به وتسير على خطاها، وآخرها تونس التى استطاعت خنق حركة “النهضة” الذراع السياسية لتنظيم الإخوان فى البلاد، شعبيا وسياسيا.
ويعانى تنظيم الإخوان من حالة الحصار الشعبى التى يتعرض لها فى عدد من البلدان العربية التى يتمركز فيها، فلا شك أن سقوط الإخوان المسلمين فى مصر كان إيذانًا بسقوط بقية أفرع التنظيم فى كل الأقطار العربية، فهم ليس لديهم ما يستطيعون أن يقدمونه للناس بخلاف العنف، وها هم يكررون تجربتهم فى مصر، ولذلك جاء مصيرهم فى تونس ليكون نفس المصير الذي حدث لهم فى القاهرة.
بذلك يستطيع الشعب التونسي بسقوط هؤلاء ان يعلن الإنتصار الحقيقي لثورة الحريّة.