الخميس. ديسمبر 19th, 2024

تونس-تونس-26-1-2021


نظم المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس ، ندوة عن بعد، أثثها الدكتور خالد عكاشة مدير المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، تمحورت حول استشراف مستقبل النشاط الارهابي خلال العقد الجديد بالمنطقة.


واستهلت الدكتورة بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الأمنية والعسكرية بتونس، الحوار بالحديث عن التحولات التي يعيشها الوطن العربي، والتطورات التي تشهدها التنظيمات الإرهابية التي فضحت العلاقة الوطيدة ما بين التنظيمات الإرهابية وتنظيم”الإخوان المسلمين”.

وقالت قعلول لقد اتضح بالمكشوف وجود نوع من الإيديولوجيا العنيفة التي تعمل على أساسها التنظيمات الإرهابية عبر دمغجة عناصرها.

وأردفت أن العالم اليوم تجاوز مرحلة التشخيص حيث لابدّ من الحديث على استشراف الوقائع لمعالجتها .
بدوره أشاد عكاشة بجهود المركز الدولي المستمرة لتقديم إضاءات مبكرة عن خطورة ظاهرة الإرهاب خاصة بمنطقة شمال إفريقيا ، إضافة إلى سعي المشرفين على المركز إلى رصد الإشكاليات الدولية وتحليلها لجملة الأحداث الراهنة بالمنطقة .

وتمحورت مداخلة الدكتور خالد عكاشة حول رؤيته الإستشرافية للعقد الجديد، مشيرا إلى جملة التوترات التي يفرضها خطر التنظيمات الإرهابية .

واستهل مداخلته بالحديث عن تقسيم التنظيمات الإرهابية الى أربع أفرع كبيرة ، وأولها تنظيم “الإخوان المسلمين” لاعتباره التنظيم الأول والرئيسي ، أما التنظيم الثاني فهو تنظيم القاعدة ، والثالث هو تنظيم داعش الارهابي بعد التمدد الذي حظي به خلال العقد المنصرم ، أما التنظيم الرابع فهو الميليشيات المسلّحة، وهو عبارة عن ظاهرة جديدة بدأت بوادرها في العقد الماضي ،مستشرفا من خلال متابعته أنها ستحظى باهتمام كبير خلال العقد الجديد .

كما شدّد المتحدّث على ظهور ميليشيات المرتزقة بكثرة خلال نهاية العقد الماضي على أكثر من مسرح مما جعلها تحظى باهتمام الباحثين.

وأشار عكاشة إلى أن عام 2020 كان زاخرا بنشاطات التنظيمات الإرهابية خاصة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ولفت إلى تواصل نشاطات كل من تنظيم القاعدة وتنظيم “الاخوان” خصوصا مع تغير طبيعة النشاط الإرهابي في ظلّ تصاعد أدوار الميليشيات المرتزقة في مناطق الصراعات .

وقال المحاضر: بالرغم من الإختلاف النسبي في اهتمامات التنظيمات الكبرى إلا أن العام 2021 قد يحمل تشابهات في الإتجاهات الأساسية لكل منها .

وأكد الدكتور أن هذه التشابهات من الممكن حوصلتها في ثلاث نقاط أساسية تتشارك فيها التنظيمات الأربع سالفة الذكر لاعتبارها كيانات مهددة للأمن والإستقرار.

وذكر أن العام 2020 كان زاخرا بالصراعات البينية بين التظيمات، مشيرا إلى توجيه اتهامات الخيانة والعمالة بين قيادات تنظيم “الإخوان” فيما بينهم، ولكن بالرغم من محاولات الظهور بصورة متماسكة إلا أن الصورة التي يعكسها هي صورة المأزق الحقيقي الذي يشهده هذا التنظيم .

وأكد عكاشة أن العام 2020 أوضح وبصورة جلية هشاشة هذا التنظيم من خلال الإقتتال الداخلي و الصراع حول المناصب .

وقال الباحث المصري إن ما يحدث صلب تنظيم “الإخوان” ليس بمعزل عما يحدث صلب تنظيم القاعدة ، خاصة بعد تنصيب المدعو أيمن الظواهري ومافرضه هذا التنصيب من جدال بعد تناقل الأخبار عن مقتل الأخير .

كما أكد أن تنظيم القاعدة اكتسى طابعا رمزيا وتاريخيا بمنطقة شمال إفريقيا، إلا أن التنظيم الفاعل هو تنظيم”الاخوان” لما لديه من مساحات الحركة حيث يتمدد في ثمانية دول عربية منها مصر وتونس وليبيا والجزائر والمغرب، هذا التمدد الجغرافي الكبير أدى إلى ولادة تحالفات جديدة بين الأفرع الناشطة بالمنطقة .

وأضاف أن “هذا التحالف نستشفه من فرع التنظيم باليمن بالجزيرة العربية والموجود منذ عقود قبل سقوط نظام علي عبدالله صالح، فهذا التنظيم استغل الهشاشة الموجودة باليمن للقيام بعملية التمدد والقيام بعمليات التجنيد” .

وأشار خالد عكاشة إلى أن هذا التمدّد فرض جملة من التهديدات على مستوى منطقة الجزيرة العربية وأيضا على مستوى الممرات الملاحية نظرا لجملة العمليات التي نفذها هذا التنظيم بمنطقة البحر الأحمر وفي بحر العرب وفي عديد المناطق الإستراتيجية بالوطن العربي .

وتوقّع خالد عكاشة جملة من التعاونيات الدولية العربية بالأساس لمكافحة خطر الإرهاب والتصدي لتمدده، مشيرا إلى التعاون الأمني العربي وأيضا التعاون الدولي. 

وأشار إلى أن بوادر العمل التعاوني بدأ يأخذ مراحل أفضل خاصة أن هناك دولا عملت على تعزيز جهودها مع كل من فرنسا وأمريكا للتصدي لخطر تمدد التنظيمات الإرهابية .

وبيّن أن هذا التعاون الدولي من الممكن أن يكون ذا فائدة ، حيث استشرف أنه سيكون له الأثر الإيجابي في الحد من تمدد هذه التنظيمات . 

وأكد الدكتور عكاشة أن تونس مثلا تعاني من الضغط المهدد للسياسة الداخلية بالبلاد ، خاصة أن جماعة “الإخوان” بعد أحداث 2011، ودخولها المعادلة السياسية حاولت تجميل صورتها لتقديم نفسها كنموذج تونسي ناجح ومدني .

وتحدّث عن وجود أطراف إقليمية ودولية لا تريد الأمن والإستقرار لمنطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية ،متابعا أن الكيانات الإرهابية لها قدرة كبيرة على التكيف مع المتغيرات المؤثرة عليها، فهي كيانات مرنة، ذاكرا المثال المتمركز بالجزائر الذي استطاع التمدد داخل الدول الإفريقية الموجودة على الحدود الجزائرية أو مصر، لمزيد مساحات التحرك عند التضييق عليه في مناطق معينة .

وأوضح أن تنظيم الإخوان لا يتحرّك بطريقة منفردة من دولة إلى أخرى حيث تُوضع الدول كمحطات وسيناريوهات ويوضع لكل دولة السيناريو الذي يليق بها، وإذا كان المجتمع الدولي قد ركز على التنظيمات المسلحة كداعش والقاعدة، إلا أن العالم شهد تنامي عمل “الإخوان” مع الميليشيات المرتزقة، وخير دليل الوضع في ليبيا وإفريقيا.
وفي سؤال حول تضييق الخناق على التنظيمات الإرهابية وتنامي الرفض الأوروبي والخليجي لجماعة “الإخوان”، قال عكاشة تساهم أنقرة في إفساح المجال أمام جماعة الإخوان داخل عديد دول البلقان بما يحقق لها تمركزا قريبا من مناطق التأثير الأوروبية وأيضا قريبا من المنطقة العربية ، وهذا أمر يجعل من خروجهم من أوروبا ليس خروجا كاملا.

وأضاف: “ربما يبتعدون عن المناطق الشهيرة مثل فرنسا وألمانيا وسويسرا وهي مناطق تغولّت فيها التنظيمات خلال القرن الماضي ، أما بريطانيا فلا زالت على حالها ولهم تمركز كبير وواسع هناك ، وهي منطقة شديدة الأهمية بالنسبة لهم ، باعتبارها دولة التأسيس والإحتضان الأول لهم .

وأشار إلى أنهم سينتقلون إلى آسيا بشكل واسع جدا لأنها بعيدة عن الأضواء ، وهم لديهم ترتكزات مهمة في دول جنوب شرقي آسيا ، حيث توفر لهم عاملين مهمين جدا،هما: عناصر جديدة للتنظيم ، وأيضا الإدارة المالية اعتمادا على النشاط التجاري الواسع الموجود في المنطقة مثل إندونيسيا ، ماليزيا ، سنغافورة وهي دول تجارية واستثمارية ضخمة، كذلك الدول الكبرى الأخرى مثل الصين والهند حيث لهم وجود كبير هناك .

وحول سؤال المركز، بخصوص العلاقة بين “الإخوان” والتنظيمات الإرهابية ، ردّ الباحث المصري، بالقول:إن “العلاقة تاريخية وعضوية بين جماعة الإخوان وبين التنظيمات الإرهابية الأخرى الشهيرة مثل القاعدة وداعش وليس في هذا الأمر شك .. وأضاف:في هذا الخصوص أفتح قوسا وأذكر أحد مسببات التغيير في المواقف الأوروبية تجاه الإسلام السياسي و”الإخوان” على وجه التحييد ، هو اكتشاف كبير من الدول الأوروبية لهذه العلاقة الخفية ، حيث تُمارس جماعة “الإخوان” جهدا كبيرا جدا في إخفائها، ونحن من جانبنا كدولة عربية نعرف مَن أسس القاعدة في جبال “تورا بورا” في أفغانستنان .. هم جماعات من “الإخوان” خرجت من المملكة العربية السعودية و مصر وتونس وليبيا ، نعرفهم بالإسم وبالإنتماء، وقد بحّ صوتنا طيلة عقود ونحن نقول إننا نعرف من اتجه إلى هناك مثل أيمن الظواهري، المصري الذي هو اليوم قائد تنظيم القاعدة حتى هذه اللحظات-إذ لم تثبت وفاته- وهو عضو في جماعة “الإخوان” في مصر قبل أن يسافر إلى أفغانستان.

وأضاف: لن يمل “الإخوان” من دعم الإرهاب حتى لو عملت الجماعة على إثبات عكس ذلك من خلال إدانة الأعمال الإرهابية في وسائل الإعلام، وستظل هذه المعادلة معنا في العقد القادم وستثير العديد من الصراعات التي ستُكتشفُ حتما من طرف أوروبا .

وإجابة على سؤال الدكتورة بدرة قعلول بخصوص الدور التركي القادم قال عكاشة، إنه بعد وصول جو بايدن أعتقد أن الكثير من المشاهد ستتغير ، فتركيا تعوض أزمتها الإقتصادية الطاحنة التي تعانيها بالداخل بتحولها إلى نشاط تجارة السلاح ، متابعا أن تركيا لن تترك ليبيا برغم تعبير جو بايدن أنه ضد أردوغان، ويبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة لن تتخلى عن اردوغان .