الأثنين. ديسمبر 23rd, 2024

مالي-أميرة زغدود-26-11-2020

تعمل الحكومة الإنتقالية بمالي على اتباع الحوار والمفاوضات المباشرة مع الجهاديين المسلحين بالبلاد وسط معارضة فرنسية لهذا التوجه..فهل بالإمكان التفاوض مع الجهاديين بمالي لاحتواء تداعيات العنف على سكان دول الساحل؟

تبدو مالي هي الدولة الوحيدة من بين أكثر الدول التزامًا في الحرب ضد الإرهاب والاكثر تمسكا بإرساء البديل. فكيف هو التخطيط للتعامل مع الظاهرة المعقدة التي تشغل العالم كله؟

في هذا الإطار يدافع رئيس الوزراء مختار عوان عن الموقف أمام ممثلي الحكومة الفرنسية المقيمين في مالي. ونظرا لخطورة الوضع على استقرار البلاد يعتبر التفاوض البديل الوحيد المعتمد، ويبدو أن مالي ليست مستعدة للتخلي عنه.
ما تمَ استخلاصه من حديث رئيس الوزراء، هو تحديد مختار عواني بوضوح أن هذا المنهج هو الذي يعبَر عن إرادة الشعب المالي وتمَ التوافق على هذه الرؤية بالإجماع خلال اجتماع “الحوار الوطني الشامل” المنعقد في أواخر 2019 بمشاركة جميع الأطراف المالية من مختلف المناطق .


ومن الواضح أن نهج السلطات المالية لا تشاركها فيه الجهات الفاعلة في مكافحة الإرهاب. ففرنسا هي أول دولة تعارضها، وهذا ما أوضحه الرئيس ماكرون حين أشار إلى أنه لا مجال لكي تفتح فرنسا حوارًا مع قوى الشر،في حين أن بعض الأطراف بالحكومة المالية ترى في رفض فرنسا التفاوض مع الجهاديين يجهض مساعي الحكومة في تقرير مسارات مفاوضاتها.


وتؤكد فرنسا على ضرورة استعمال نفس السلاح في مواجهة الجهاديين ، فبعد اتفاق السلام الذي جرى سنة 2015 بين الحكومة المالية ومجموعات مسلحة موالية لباماكو من جهة وبين المتمردين بشمال مالي من جهة أخرى، والذي وضع خارطة طريق تدعو إلى انتهاج أسلوب الحوارمع كافة المجموعات السياسية، إلا أن فرنسا لم تغير من سياسة تعاملها المرتكزة على مواجهة هذه الحركات التي لا تزال تهدد الأمن بالمنطقة وتقتل المدنيين والعسكريين بمن فيهم العساكر الفرنسيون العاملون في إطار عملية “برخان” وهي القوة الفرنسية بدول الساحل والتي تضم 5000 عسكري.

يأتي رفض فرنسا للتفاوض مع الجهاديين لعلمها اليقين أن مالي لا تستطيع اتخاذ قرارات مصيرية من هذا القبيل بمعزل عن حليفتها العسكرية وهي فرنسا، بينما لم تتوفر الكثير من الحيثيات عن حقيقة الإتصالات التي روَج لها حول فتح الرئيس السابق أبو بكر كيتا قنوات الحوار مع قيادات الجماعات الجهادية .

وقدتمَ مؤخرا الإشارة إلى إرسال مفوضين عن الحكومة المالية إلى قادة الجماعة الجهادية المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي توصلت إلى قرار الإفراج عن عدد من الرهائن في عملية تبادل كبداية للحوار بعيد التبادل الأخير بين الحكومة المالية بتسليمها حوالي 200 جهادي معتقل لديها مقابل أربعة رهائن.

وسط التكهنات الكثيرة بنجاح مخطط التفاوض من عدمه ، هل تستطيع مالي فعلا أن تسلك طريق الخطر لتدخل مفاوضات مع جهاديين لا يفقهون سوى لغة السلاح والقتال سبيلا لتحقيق مساعيهم أم أنها ستلعب على ورقة الأطراف التي تبحث عن مراكز القرار وسط الحكومة المالية كسبيل لتحقيق مساعيها المتقاطعة المصالح ؟

السيناريو الأول : مالي ستعمل على المضي قدما في سبيل إرساء الحوار لبلوغ حل يرضي جميع الجهات ويقطع مع الصورة القديمة لاستعمال السلاح في مواجهة الجهاديين ، ولكن ذلك يتطلب إقناع فرنسا بمبدأ الحوار، وطالما هي رافضة لهذا فالسيناريو الثاني المحتمل هو تواصل المواجهة المسلحة ومواصلة الدعم العسكري الفرنسي لمالي.