الأحد. نوفمبر 17th, 2024

سيرين السالمي و انس النعيري—تونس

تعتبر أزمة الصحراء الغربية من أطول النزاعات في القارة الإفريقية حيث دام هذا النزاع 46 عاما و لا يزال قائما إلى اليوم،  وقد عبّرت جهات عن إمكانية  تفاقم الأزمة بعد استقالة المبعوث  الأممي الخاص  لسنة 2019 هورست كوهلر وذلك بعد تأكده من استحالة إيجاد حل .

 وقبل فترة شهدت الصحراء الغربية عودة الصراع بين المغرب وجبهة البوليساريو خاصة بعد  تأكيدها إنهاء التزامها باتفاق وقف إطلاق النار الموقع برعاية الأمم المتحدة عام 1991 وإعلانها أن الحرب “بدأت مع المغرب”.بالإضافة إلى كون الصحراويين أصبحوا حريصين أكثر على استرجاع أراضيهم.

وبات تعيين مبعوثا أمنيا جديدا أمرا ملحا  قبل اندلاع موجة جديدة من الصراع ، حيث ستكون مهمته إيجاد حل سياسي للملف و إعادة جمع الفاعلين حول طاولة الحوار و الفصل في هذا النزاع طويل الأمد ويتول  وضع خطة سلام قوية و محدودة في الزمن تفضي إلى ممارسة الشعب الصحراوي لحقه في تقرير مصيره و استقراره ، وفق تصريح لجبهة البوليساريو.

ومؤخرا تم الاتّفاق على تعيين ستيفان دب مستورا و ذلك بعد رفض 12 مرشحا لهذا المنصب و ذلك وفقا لقرار الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش يوم 6 أكتوبر 2021 بعد رفض المغرب لهذا التعيين  لأكثر من  أربع أشهر، و قبل بدي مستورا مبعوثا خاصا لملف الصحراء الغربية تحت ضغوطات دولية، ويعود هذا التأخير لكثرة تعقيد هذا المنصب وأبرز دليل على ذلك تعيين عدة  وسطاء قبل المبعوث الألماني لمحاولة تسوية هذا النزاع، ويمكن أن التطرّق إلى أبرز هؤلاء الوسطاء ة انطلاقا من عام 1990 وصولا إلى اليوم .

وسطاء الأزمة بين المغرب وجبهة البوليساريو

عُيّن الدبلوماسي السويسري جوهانس مانز ممثّلا للأمين العام للأمم المتحدة و اتّسمت فترته بالناجحة حيث نجح في التوصّل إلى اتّفاق  أدّى إلى وقف إطلاق النار بين طرفي النزاع في السادس من سبتمبر 1991،  و سنة 1992 تم تعيين الجنرال يعقوب خان ممثلا خاصا للامين العام الأسبق بطرس غالي .

أمّا بعد فقد تمّ تعيين جيمس بيكر من قبل كوفي عنان و قد كان من أبرز من تولوا هذا المنصب لكنه قدم استقالته في 2004 بعد أن تم رفض  خطته التي تتضمن “فترة انتقالية يحدث فيها تقسيم للمسؤوليات بين المغرب وجبهة البوليساريو قبل إجراء استفتاء لتقرير المصير”.

كما عيّن كوفي عنان أيضا بيتر فان فالسوم فيما بعد أي سنة 2005 الذي حاول لأول مرة في 2007 جمع طرفي النزاع حول طاولة المفاوضات في نيويورك بالولايات المتحدة. قبيل استقالته في 2008،وتم تعيين كريستوفر روس من قبل بانكيمون في 2009 و الذي فشل في إحداث اختراق في ملف الصحراء الغربية بعد أن تأزمت علاقتة مه الرباط سنة 2012، وقد تمّ اتهامه من قبل المغرب بـ”الانحياز” وقدم استقالته عام 2017.، وعيّن بعده مباشرة هورست كوهلر لكن انتهى به الأمر بتقديم استقالته هو الآخر مثل من سبقه ليبقى المنصب شاغرا لمدة سنتين أي منذ 2019 إلى حين تعيين دي مستورا مؤخرا في 6 أكتوبر 2021 .

ورحّبت جهات كثيرة بهذا التعيين من قبل واشنطن و الأمم المتحدة ، كما أيّدت الولايات المتحدة العملية السياسية في الصحراء الغربية من أجل تعزيز مستقبل سلمي و زاهر إذ قال في هذا السياق  المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دو جاريك إن هذا التعيين مؤشرا إيجابيا .

وفي هذا الإطار، إعتبر المحلّل السياسي المغربي خالد الشيات الذي شخصية المبعوث الجديد وحنكته ولباقته تتماشى  مع النسق الذي وضعته الأمم المتحدة في إطار رؤيتها للحل النهائي خاصة و انه كان مبعوثا خاصا للعراق (2007-2009) ثم لأفغانستان (2010-2011) ثم لسوريا (2014-2018)

تصاعد الخلاف من جديد بين المغرب و الجزائر                                        

تشهد العلاقات بين البلدين توتراً منذ عدة عقود، أدى إلى إغلاق البلدين حدودهما منذ عام 1994،

والعام الماضي، تدهورت العلاقات بين الجزائر والمغرب إثر تصاعد الخلاف بينهما على إقليم الصحراء الغربية.

وقال عمار بلاني، مسؤول ملف دول المغرب العربي بوزارة الخارجية الجزائرية، إن “اللجوء إلى إجراءات إضافية ليس مستبعداً”، دون أن يحدد طبيعة هذه الإجراءات التي ربما تكون موضع دراسة، وفق حديثه لوكالة رويترز.

ويعتبر المغرب إنّ الصحراء الغربية جزء من أراضيه لكن جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر تسعى لاستقلال المنطقة.

وفي يوليو الماضي، استدعت الجزائر سفيرها في المغرب للتشاور، بعد أن أعرب مبعوث المغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، عن دعمه لتقرير المصير لمنطقة القبائل الجزائرية.

وقبل نحو شهر، قرّرت الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، متّهمة الرباط بالقيام بـ”أعمال عدائية” ، وتجدّد التوتر بين الجانبين بعد أن شنّت قوات مغربية عملية عسكرية في منطقة الكركرات تهدف لوضع حد لما وصفته بـ” استفزازات” مسلحي جبهة البوليساريو الذين قطعوا الطريق المؤدي إلى الكركرات، وهي بوابة إلى دولة موريتانيا ، منذ 21 أكتوبر الأول الماضي.

وتعتبر الصحراء الغربية مند القدم منطقة صراعات حيث أعلن الصحراوين  أن بلدهم ليست جزء من المغرب وأنهم قاتلوا و حرروا لوحدهم أراضي الصحراء الغربية من الاستعمار الاسباني حيث قاتلوا القوات الاسبانية لأكثر من تسعين سنة لإخراج القوات الاستعمارية وقد تعددت أسباب الصراع الدامي خلال هدا النزعات

تاريخ و أسباب الصراع

بدأ النزاع فعلياً عام 1975، عندما وقّعت إسبانيا قبل جلائها من الصحراء الغربية، إتفاقية مدريد مع كل من المغرب وموريتانيا، والتي إقتسم بموجبها البلدين الصحراء، لكن الصحراويين المسلحين الذين أسّسوا جبهة البوليساريو، رفضوا الاتفاقية وواصلوا مطالبتهم بالانفصال، وصعدت الجبهة من وتيرة عملياتها وقامت بالتحريض على المظاهرات المطالبة بالاستقلال، بينما إتجه المغرب وموريتانيا إلى محكمة العدل الدولية.

وفي 16 أكتوبر/ 1975 أعلن المغرب تنظيمه “المسيرة الخضراء” باتجاه منطقة الصحراء، وفي يناير1976 أُعلن عن قيام “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” بدعم من الجزائر.

وبدأ المغرب مطلع ثمانينيات القرن الماضي ببناء جدار رملي حول مدن السمارة والعيون وبوجدور لعزل المناطق الصحراوية الغنية بالفوسفات والمدن الصحراوية الأساسية، وجعل هذا الجدار أهم الأراضي الصحراوية في مأمن من هجمات مسلحي البوليساريو.

وتعزّز موقف المغرب بتخلّي ليبيا منذ 1984 عن دعم البوليساريو وإنشغال الجزائر بأزمتها الداخلية.

وتعتبر أزمة الصحراء الغربية واحدة من أطول الصراعات السياسية والإنسانية في العالم، إذ لجأ خلال هذه الحرب الكثير من الصحراويين إلى الجزائر حيث يقيمون في مخيّمات منذ عقود.

وقد تمكّنت الأمم المتحدة من فرض وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو عام 1991 دون التوصّل إلى تسوية نهائية للنزاع حتى الآن.

وتمّت إقامة منطقة عازلة بطول المنطقة المتنازع عليها، لتفصل بين الجزء الخاضع للإدارة المغربية والجزء الذي تسيطر عليه الجبهة. وتضطلع قوات حفظ السلام الأممية بتأمين المنطقة.

وبدأ النشاط العسكري للبوليساريو أثناء الاستعمار الإسباني للمنطقة وقد تلقت مساعدات من ليبيا والجزائر.

ثم خاضت نزاعا مسلحا، مع كل من المغرب وموريتانيا، بشأن استقلال الإقليم، لكن موريتانيا قامت من جانبها بالانسحاب من جنوب الصحراء الغربية.

وأعلنت ما بين 1975 و1976 تأسيس “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، وشكلت حكومة في منطقة تندوف بأقصى الجنوب الجزائري.

وتولّى رئاسة الجبهة مصطفى سيد الوالي ألرقيبي لمدة ثلاث سنوات منذ تأسيسها عام 1973 حتى مقتله في 9 يونيو1976 خلال هجوم على العاصمة الموريتانية نواكشوط، فخلفه محمد عبد العزيز أمينا عاما للجبهة ورئيساً لمجلس قيادة الثورة من أغسطس1976 حتى وفاته في مايو عام 2016 ليتولى القيادة إبراهيم غالي.

تعيين دي مستورا بين الرفض و الترحيب

تم تعيين الدبلوماسي المخضرم ستافان دي ميستورا مبعوثا أمميا خاصا للصحراء الغربية بعد موافقة طرفي النزاع على هذا الاختيار، ويتعلق الأمر بالمغرب وجبهة البوليساريو.

ويأتي هذا التعيين بعد اقتراح الأمم المتحدة 12 مرشحا منذ عامين، بدلا للألماني هورست كولر الذي استقال في ماي 2019 بعدما أحيا المحادثات، لكنها لم تفضِ إلى أي نتيجة ملموسة، ويتمتع المبعوث الجديد “بخبرة أكثر من أربعين عاما في الدبلوماسية والشؤون السياسية

ورحّب المتحدّث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك لدى إعلانه قرار الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش القيام بهذا التعيين ووصفه بالمؤشر الإيجابي بعد أكثر من عامين من البحث عن مرشح.

وفي 27 أكتوبر ، يُفترض أن يُجدد لعام مبدئيا تفويض بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية “مينورسو” التي سيتم التباحث بشأنها خلال اجتماع مغلق لمجلس الأمن في 13 أكتوبر.

في ماي ، رفض المغرب تعيين دي ميستورا، لكنه تراجع مؤخرا عن قراره وقبل به أخيرا تحت ضغوط أمريكية، وفق دبلوماسيين

وأعلن وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن في بيان أن الولايات المتحدة “ترحب بحرارة” بتعيين دي ميستورا.

من هو دي ميستورا؟

يُخلّف المبعوث الجديد الذي يتمتّع “بخبرة أكثر من أربعين عاما في الدبلوماسية والشؤون السياسية” بحسب ما جاء في بيان للأمم المتحدة، الرئيس الألماني الأسبق هورست كولر الذي استقال في ماي 2019 بعدما أحيا محادثات بين المغرب وجبهة بوليساريو بمشاركة الجزائر وموريتانيا، لكنها لم تفضِ إلى أي نتيجة ملموسة.

و دي ميستورا هو دبلوماسي متمرس شغل مناصب رفيعة في الأمم المتحدة، وقد كان مبعوثا خاصا إلى سوريا (2014-2018) والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق (2007-2009) وأفغانستان (2010-2011)

وجدير بالذكر  ان الصحراء الغربية قد عاشت محطات بارزة طيلة فترة الاستعمار   :

1884: بدء الاستعمار الإسباني للصحراء الغربية التي كانت تسكنها قبائل البربر.

1934: الصحراء الغربية تصبح إقليماً إسبانياً يحمل اسم الصحراء الإسبانية.

1957: المغرب حديث الاستقلال يؤكد أحقيته بالصحراء الغربية.

1965: الأمم المتحدة تطالب إسبانيا بإنهاء احتلالها للصحراء الغربية.

1973: تأسيس جبهة البوليساريو.

1975: العاهل المغربي الملك الحسن الثاني يرفض قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي الخاص بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وينظم ما عرف بـ” المسيرة الخضراء” التي دعا فيها 350 ألف مغربي للخروج من أجل السيطرة الصحراء الغربية.

1975: انسحاب إسبانيا من الصحراء الغربية.

1975: اندلاع حرب عصابات بين جبهة البوليساريو والقوات المغربية استمرت 16 عاما

1975-1976: المغرب يضم ثلثي الصحراء الغربية بعد انسحاب إسبانيا. وجبهة البوليساريو تعلن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وحكومتها في المنفى في الجزائر. والالاف من اللاجئين الصحراويين يفرون إلى غرب الجزائر ليقيموا مخيمات قرب بلدة تندوف.

1979: موريتانيا تنسحب من الصحراء الغربية، والمغرب يضم حصتها من المنطقة.

1991: وقف لإطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة، ومنذ ذلك الحين فشلت عدة جولات للمحادثات برعاية أممية في التوصل لتسوية دائمة للصراع.

2016: وفاة محمد عبد العزيز الأمين العام لجبهة البوليساريو ورئيس الجمهورية الصحراوية وتولي إبراهيم غالي القيادة خلفاً له.

2016: منطقة الكركرات تشهد توتراً بين جبهة البوليساريو والمغرب، والبعثة الأممية لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية (مينورسو) تتدخل لمنع المواجهات، والطرفان يسحبان قواتهما بعد دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

أكتوبر 2020: ناشطون صحراويون يغلقون المعبر الحدودي الوحيد الذي افتتحه المغرب عام 2002 لإيصال منتجاته إلى غرب أفريقيا عبر الأراضي الموريتانية.

نوفمبر 2020: المغرب يعلن إقامة حزام أمني لتأمين تنقل الأشخاص ونقل السلع عبر معبر الكركرات الحدودي، وجبهة البوليساريو تعلن انتهاء وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه قبل ما يقرب من 30 عاما.

تبقى آمال الأمم المتحدة متعلقة بقرارات المبعوث الاممي الجديد وفي توصله إلي حل النزعات وصراعات الصحراء الغربية لامتلاكه ما يكفي من الخبرة في فض النزعات الدولية.