سيرين سالمي- متربصة بالمركز الدولي للدرااسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس 8-10-2021
تعاني ليبيا من وجود أكثر من 20 ألف مرتزق من جنسيات مختلفة، ما فاقم تدهور الوضع في البلاد وتشعّب الوضع بعد أن تنامت الانتهاكات والمجازر الحربية مند أحداث2011 حين تحرّك الناتو بأسلحته الثقيلة وقصفه العشوائي لتدمير ليبيا وسرعان ما تحول المشهد إلى حرب في المدن والأحياء وجاءت المليشيات والمرتزقة لبداية مسيرة خراب تزعمتها تركيا.
وبعد عشرية سوداء، ودمار محقّق ترجمته الأرقام برغم الثروات التي تتحوّز عليها ليبيا والتي نهبتها المليشيات التي سيطرت على اغلبية المناطق، ولولا تضحيات الجيش العربي الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر لتحوّلت ليبيا إلى ساحة لحرب شوارع.
لم يصل المشهد في ليبيا إلى مخطط يتفق عليه الجميع بشكل كلي حتى الآن، وبرغم تولي حكومة جديدة وتسلمها للسلطة منتصف مارس2021، بعد حصولها على ثقة البرلمان، تظل الكثير من القضايا محل ترقب في الداخل والخارج وأبرزها إخراج المرتزقة من البلاد.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الخميس، بأن تركيا تعمل على نقل دفعة جديدة من المرتزقة تتكون من 200 من عناصر الفصائل الموالية لأنقرة من سوريا إلى ليبيا.
وذكر المرصد أن المخابرات التركية تواصل إرسال المرتزقة من سوريا إلى ليبيا، وترحيل المرتزقة المنتهية عقودهم والراغبين بالعودة من ليبيا إلى سوريا.
وكان مجلس الأمن الدولي قد طالب منذ أكثر من عام برحيل المرتزقة الذين دخلوا ليبيا في خضم النزاع المسلح الذي مزق البلاد ، وعبّر مؤخرا عن قلقه من انتشارهم في بعض البلدان المجاورة.
بدورها أفادت وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، بخصوص انسحاب بعض المرتزقة، بأنه “خبر صحيح، ولكن هذه بداية بسيطة جدًا، لازلنا نسعى إلى تنظيم أكبر وشامل لخروج المرتزقة”.
وقال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ان إجراء الانتخابات ديسمبر المقبل في ظل انتشار المرتزقة أمر صعب، مشددا على أهمية إخراجهم عاجلا.
وتعزّزت عمليات التجنيد لمقاتلين من خارج ليبيا مستفيدة من إمكانيات مالية ضمن دوافع سياسية في ظلّ ضعف الدولة وتنامي المطامع الخارجية والداخلية تجاه ليبيا التي تحولت إلى غنيمة ومحل أطماع عالمية وإقليمية.
وكانت الأمم المتحدة قد تحدّثت في وقت سابق عن خطورة تواصل تدفّق المرتزقة الظاهرة التي تهدّد استقرار الدول أمام الهجمات القتالية التي تتنافى حقوق الإنسان .
ويشكّل وجود القوات الأجنبية أو المرتزقة في الداخل الليبي عنصر تأزيم أمني وسياسي يُمكن أن يؤدي إلى استئناف العمليات العسكرية بين طرفي النزاع، بل يمكن أن يُكرِّس انقسام ليبيا، فيما سيظل مستقبل مواطنيها رهينة لقوى سياسية وعسكرية من خارج حدودهم.
ويؤثر وجود هذه القوات على سير العملية الانتخابية المزمع عقدها نهاية العام الحالي، حيث سيكون من الصعب إجراء عملية انتخابية نزيهة وشفافة وسط وجود ألاف من المرتزقة غير خاضعة لسلطة مركزية ليبية قوية، خاصة في ظل وجود خبراء أتراك في مراكز صنع القرار في طرابلس، مما سيكون له تأثيرات جذرية على نتائج الانتخابات.
ويرى خبراء أن الصراع في ليبيا لا يمثل أولوية سياسية لإدارة الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، لكن من الواضع وفق التصريحات الدبلوماسية ان مصلحة واشنطن التسريع في الانسحاب الفوري لجميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا، حيث سيأتي طرد المرتزقة بميزة جيوسياسية من الدرجة الثانية لإدارة بايدن.
ويرى آخرون ويُمكن أن التقارب التركي-المصري الأخير سيلعب دوراً محورياً في حلّ معضلة المرتزقة الأجانب، حيث ستكون ليبيا من بين الملفات التي يسعى الطرفان إلى حسمها، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى إنهاء الوجود العسكري التركي.