الأربعاء. ديسمبر 25th, 2024

باريس-فرنسا-رباب حدادة

تنعقد قمة تمويل الاقتصاديات الإفريقية في 17 و 18 ماي 2021 بباريس و ستجمع ما يقارب 15 رئيس إفريقي إلى جانب رؤساء بعض الدول الأوروبية و الآسيوية و بحضور ممثلي بعض المنظمات الدولية و المؤسسات النقدية .قمة استثنائية تهدف لإخراج إفريقيا من أزمة اقتصادية حادة بسبب جائحة كورونا التي أغرقت الاقتصاديات الإفريقية التي تعاني بطبيعتها من أزمات أخرى كالإرهاب و الشبكات التهريب و الهجرة غير الشرعية و التبعية الاقتصادية…


1/ أرضية تأسيس القمة


برزت فكرة معالجة الاقتصاديات الإفريقية في خريف 2020 عندما كشف صندوق النقد الدولي أن إفريقيا ستعاني من عجز مالي قدر ب 290 مليار دولار بحلول 2023 و تواصلا للحلول المتخذة في إطار قمة مجموعة العشرين المنعقدة في افريل 2020 بتعليق تسديد 5.7 مليون يورو من فوائد الديون الإفريقية خلال فترة الجائحة .

كما قامت المجموعة بإقناع الصين الشريك الاقتصادي الأول لإفريقيا أهم الدائنين و كذلك الخواص بالدخول في التفاوض بشان إعادة جدولة الديون الإفريقية.

في هذا الإطار دعا الرئيس الفرنسي بعقد “نيوديل”، على غرار الحل الذي انتهجه الرئيس الأمريكي روزفلت لتخطي أزمة الثلاثينات الاقتصادية ،لإخراج إفريقيا من أزمتها الاقتصادية خاصة بالركود الاقتصادي التي تعيشه و الذي بلغ 2.1- % في 2020 و هو أول ركود لها بعد نصف قرن.

تبعا لjعمال مجموعة العشرين و نادي باريس أطلقت المبادرة الفرنسية و تم تنظيم قمة تمويل الاقتصاديات الإفريقية في باريس.


2/ أهداف القمة


جمعت القمة دولا من الجهات الإفريقية الخمسة: الشمال(تونس و مصر) الغرب (الكوديفوار ،التوغو ، غانا،مالي،نيجيريا،موريتانيا و السنغال) الشرق (السودان و أثيوبيا) الوسط (إفريقيا الوسطى و الكونغو الديمقراطية و روندا ) الجنوب (انغولا و الموزنبيق).إلى جانب دول أوروبية كايطاليا و البرتغال كذلك ستحتضن القمة ممثلين عن المؤسسات الأوروبية ( شارل ميشال رئيس المجلس الأوروبي،اورسولا فان دار يان رئيسة المفوضية الأوروبية و جوزاف بورال الممثل السامي للسياسات الخارجية الأوروبية) و المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي ،البنك الدولي،البنك الإفريقي للتنمية).

تهدف القمة إلى إدخال السيولة إلى اقتصاديات الدول الإفريقية و سيكون ذلك حسب مقترح الخارجية الفرنسية باللجوء إلى حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي و هي الصندوق “أصل احتياطي دولي استحدثه الصندوق في عام 1969 ليصبح مكملا للاحتياطيات الرسمية الخاصة بالبلدان الأعضاء. وقد تم حتى الآن توزيع 204,2 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (ما يعادل 293 مليار دولار أمريكي) على البلدان الأعضاء، منها 182,6 مليار وحدة تم توزيعها في 2009 عقب الأزمة المالية العالمية. وتتحدد قيمة حق السحب الخاص وفقا لسلة من خمس عملات – الدولار الأمريكي واليورو واليوان الصيني والين الياباني والجنيه الإسترليني.”

هذا المخطط الذي يعتمد بالأساس على صندوق النقد الدولي قد يبلغ قيمته 34 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة من اجل توفير السيولة الأزمة “لدعم موازين الدفع و تسهيل واردات الدول “حسب الخارجية الفرنسية.
وأكد الخبراء أن مثل هذه الحلول لن تكون ناجعة بما أن “الدول الإفريقية بحاجة إلى تمويلات ضخمة طويلة المدى من اجل تأسيس اقتصاد متين ” حسب شيكو ايبوييه خبير الاقتصاد بجامعة لوران.


من المحتمل كذلك أن لا توافق الحكومات الإفريقية على هذه الحلول خاصة و أن الثقة قد اهتزت في الدول المشرفة على القمة و التي تعد قوى استعمارية تقليدية ( فرنسا ،ايطاليا،البرتغال) كل الحلول التي تتخذها تؤدي إلى خلق مزيد من التبعية و العجز في الاقتصاديات الإفريقية و في ظل بروز شركاء بديلين كالصين التي لم تبدي اهتمامها بالقمة و ستكتفي بالمشاركة عن بعد و لن يمثلها رئيسها شي جيبينغ على عكس كل الدول التي شاركت حضوريا من خلال قادتها.

من الحلول التي تطرح كذلك في القمة إمكانية إلغاء الديون في صورة فشل باقي الحلول و قد تم اتخاذ هذا الإجراء مرات عديدة لتجاوز الأزمات الاقتصادية في إفريقيا و إحيائها و كان ذلك في 1989 و 1996 و 2005.هذا المقترح الذي دعت إليه دول كالسينيغال و أوغندا رفضته دول أخرى مثل بنين خوفا من أن يحد ذلك من فرص حصولها على التمويلات في المستقبل أو تعرضها لعقوبات اقتصادية.
في ظل احتداد التنافس على توسيع النفوذ في إفريقيا تعتبر هذه القمة احد أوجه إبقاء السيطرة الأوروبية على إفريقيا ،فالصين الدائن الأهم و الشريك التجاري الأول لم يبدي الاهتمام المنتظر بالقمة و لن يتمخض التفاوض الإفريقي الصيني الذي سيقع تحت غطاء هذه القمة بحلول مثمرة لأنه في النهاية سيبقى في دائرة المصلحة الأوروبية .

من جهة أخرى أصبحت الدول الإفريقية أكثر حذرا في التفاوض مع الدول الأوروبية خاصة فرنسا و ما محاولاتها في تحقيق الاستقلال الاقتصادي و المالي عن فرنسا سوى رغبة في الحصول على شراكات أكثر نجاعة و أهمية كالاتفاقيات المبرمة مع الدول الآسيوية (الصين ،الهند) و كذلك الولايات المتحدة الأمريكية الذي يزداد نفوذها في القارة.

نجاح القمة من عدمه بالنسبة للدول الإفريقية يبقى رهن قرار قادة الدول الذي مازال اغلبها و لسوء الحظ تحت التأثير السياسي لفرنسا و باقي القوى الاستعمارية كما أن حظوظها في التفاوض تبقى ضعيفة أمام هشاشة اقتصادياتها وسياساتها الوطنية التي تعتمد أساسا على الدعم الخارجي.