السودان-19-3-2024
يُعاني 14 مليون طفل في السودان من بين 24 مليون طفل من مجاعة وهم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية العاجلة خاصة مع اقتراب موسم الجفاف الذي قد يوقع البلاد في حالة إعلان مجاعة.
ومع تواصل النزاع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أكثر من 11 شهر قد يدفع البلاد إلى حافة المجاعة، وفق ما قالته ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” مانديب أوبراين.
وقالت مانديب أوبراين، إن هذه الأعداد قابلة للزيادة اذا استمر النزاع ولم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، لافتةإلى أنه غالبا ما يتم الإعلان عن حدوث مجاعة في أي بلد بعد فوات الأوان أي بعد إهدار العديد من الفرص لإنقاذ المزيد من الأرواح، مضيفةً أن احتمالية الوصول لمرحلة المجاعة باتت تلوح في الأفق خاصةً خلال موسم الجفاف.
يشار إلى أنه منذ اندلاع المواجهات المسلحة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان والدعم السريع التي يتزعمها محمد حمدان دقلو في منتصف أبريل 2023 فرّ أكثر من 3.9 مليون شخص من مناطق القتال، بينهم 3 ملايين نازح داخليا.
وبلغ عدد الفارين من العاصمة الخرطوم 71% من العدد الإجمالي لمن فضلوا هجر منازلهم بحثا عن الأمان في الولايات الهادئة نسبيا.
ويدفع تواصل القتال الشرس بين الجيش وقوات الدعم السريع مزيدا من المدنيين إلى الفرار من منازلهم، خاصة الأطفال الذين ينزح منهم 700 طفلا على الأقل كل ساعة.
وتعثّرت جميع الجهود المحلية والإقليمية والدولية في إنهاء الحرب المندلعة بين الجيش والدعم السريع منذ 15 أبريل المنصرم، بالطرق السلمية، وسط مخاوف من انتقال النزاع إلى مدن آمنة في ظل الاستقطاب الأهلي الحاد.
وتعليقا على الوضع الإنساني المأساوي وتعثّر اللقاءات، قال الخبير في الشأن السوداني محمد الفضل، في حديث مع صحيفة ستراتيجيا نيوز، إنّ كل المبادرات التي أُطلقت فشلت وأنّ الامور لا تبشّرُ بخير بل تُنبئُ بكوارث إنسانية غير مسبوقة في شرق أفريقيا والمنطقة ككل، لافتا إلى أنّ التعثّر تسبّب فيه الدعم السريع الذي يسعى للسيطرة على كامل البلاد بمقدراته خدمةً لأجندات خارجية لا تريد السلام للخرطوم والقارة السمراء,
وحذّر محدثنا من توجّه الدعم السريع إلى الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور للقتال يوم أمس الاثنين، فيما تقاتل مليشاته الاخرى في الجنينة عاصمة غرب دارفور، والضعين بولاية شرق دارفور، فضلا عن القتال حول مناطق القيادة العامة للجيش في الخرطوم.
وعن التحذيرات الأمريكية الأخيرة على لسان وزير الخارجية ، أنتوني بلينكن، من خطر استمرار القتال بهذا الشكل ومنع وصول المساعدات الانسانية إلى مستحقيها بل استمرار استهداف المدنيين، أكد الفضل أنّ واشنطن قادرة على إيقاف النزاع في ساعة زمن واحدة لكنها لاتريد ذلك حاليا بل يخدمها القتال الدامي لذلك تسعى بطريقة أو باخرى على توسيعها.
وعن العقوبات التي فرضتها واشنطن السنة الماضية على الدعم السريع ومدى تأثيرها، لفت محدثنا إلى أنها غير كافية لوقف عنجهيته وكبح جماحه، معتبرا أنّها كانت “عصا غليظة”ـ في وجه قائد المليشيا محمد حمدان دقلو(حميدتي) ورسالة للجيش السوداني للانخراط في المفاوضات لكنها لم تؤدي الهدف بل دفعت بتأزيمه لاعتبار أن طرفي الصراع لا تهمها هذه العقوبات وغايتهما أبعد في بلد يتحوز على ثروات هائلة قادرة على إنعاش أفريقيا والمنطقة.
وأفاد الخبير السوداني بأنّ المدنيين هم الضحايا الأبرز لهذا الصراع حيث نزح الملايين خوفا من القتل والاغتصاب والاعتداء والخطف، محذرا من انتشار الامراض المعدية في المخيمات بسبب انعدام وسائل النظافة وشرب مياه غير صالحة وملوثة فضلا عن عدم توفّر وجبات صحية كافية بسبب منع قوات الدعم السريع تمرير المساعدات للنازحين.
وأشار إلى خطورة مايعيشه السودان اليوم في ظلّ تنديدات دولية خاوية لا يمكن أن تحلّ النزاع الدائر، داعيا الجهات الأممية إلى التحرّك الفعلي في إتجاه وقف اطلاق النار واستهداف المدنيين والدفع بتمرير المساعدات العاجلة لملايين من البشر المحاصرين .
وأكد الفضل أنّ تشاد ومصر وأثيوبيا وجنوب السودان باتوا غير قادرين على استيعاب النازحين وتوفير الأساسيات، “السودانيون يريدون وقف الحرب والعودة إلى الديار، تحملوا الجوع والمرض والنزوح مجبرين، هم لايريدون أوراق لجوء، ينتظرون الاستقرار والعودة، أوقفوا النزاع”.
وتطرّق إلى مخاطر النزوح غير الآمن وترصد تجّار البشر لهؤلاء لاستغلال الفرص، مشيرا إلى أن الصحراء الفاصلة بين مصر والسودان أصحبت من المسارات النشطة لعمليات تهريب البشر، بخاصة المتجهة إلى أوروبا وإسرائيل.
ويكابد السودانيون المعاناة والإرهاق النفسي والجسدي والمادي، وينتظرون نهاية لمآسي إنسانية ذكّرتهم بالنزاع المسلح في منطقة دارفور ، في فبراير 2003 عندما بدأت مجموعتان متمردتان هما حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة بقتال الحكومة السودانية التي تتهم باضطهاد سكان دارفور من غير العرب، ويأملون في وضع حدّ للنزاع والعودة الآمنة بضمانات أممية.