السبت. نوفمبر 16th, 2024

محمد مرزوق


نشرت صحيفة أمريكية تدعى “إنترناشيونال بوليسي دايجست” مقالا تكلمت فيه عن الممارسات العنصرية والغير مهنية التي تقوم بها منظمات حقوق الإنسان المتسمة بازدواجية المعايير اتجاه انتهاكات حقوق الإنسان في السودان والتي اتضحت بشكل كبير عقب الإطاحة بنظام البشير في 2019، إذ تميزت مواقف هذه المنظمات قبل سقوط نظام البشير بانتقادها اللاذع للحكومة السودانية آنذاك وإظهار السودان أمام وسائل الإعلام المحلية والدولية على أنه البلد الذي تنتهك فيه الحريات، ويعامل فيه الشعب بصفة وحشية وتساء فيه معاملة السجناء السياسيين، وقامت بالترويج للعديد من الأمثلة في وسائل الإعلام، ولكن سرعان ما تغيرت مواقفها الإنسانية اتجاه الطرد التعسفي الذي طال العديد من أبناء الشعب السوداني لمجرد شك السلطات السودانية بصلتهم بالبشير، وكذلك الحال بالنسبة لمئات المعتقلين الذين تم الزج بهم في السجون السودانية عقب الإطاحة بالبشير، فأصبح الصمت عنوان هذه المنظمات الحقوقية التي تدعي الحياد في سياستها المبنية على حماية حقوق المستضعفين والمضطهدين في كل أنحاء العالم.

بالنسبة لقضية المعتقلين السياسيين فقد ذكرت الصحيفة الأمريكية عددا من الأمثلة للمعتقلين الذين طالتهم ممارسات قاسية جدا من الحكومة السودانية، حيث لم تراعى فيها أدنى مستويات الإنسانية، إذ أصيب العديد منهم بأمراض خطيرة ناتجة عن سوء التغذية وانعدام النظافة والإهمال الصحي وعدم توفير العلاج المناسب، إضافة إلي الإعتقال الغير مبني على حقائق وأدلة واضحة وتمديد محاكمتهم لفترة غير معقولة من الزمن، كما يجدر التنويه أن العديد من هؤلاء المعتقلين لاقوا حتفهم في السجون نتيجة لعدم توفير العلاج لهم وحرمانهم في حق العلاج، وهذا ما يعد من أكبر الإنتهاكات على الإطلاق في ظل غياب قانون دولي يحميهم أو منظمة تدافع عن حقوقهم، ومن بين المعتقلين الذين ماتوا بسبب الإنتهاكات التي ذكرناها نجد شقيق الرئسي السابق عمر البشير عبد الله حسن أحمد البشير، وشريف احمد عمر بدر وزير الاستثمار ورئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية السودانية في حكومة البشير، والزبير احمد الحسن الذي تقلد العديد من المناصب السياسية في حكومة البشير، وأبو هريرة حسين وزير الشباب في حكومة البشير وغيرهم من المئات الذين ماتوا وتم التحفظ على أسمائهم من قبل الحكومة السودانية.

الصحيفة الأمريكية تكلمت عن السودان وأخذت منه مثالا أين تقوم هذه المنظمات الحقوقية بممارسة سياستها الخبيثة المتميزة بالعنصرية وازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الإنسانية، وما خفي أعظم ففي بعض الدول المتقدمة تقوم نفس هذه المنظمات باستخدام نفس المعايير، كالقضية الكردية الشائكة بين تركيا وفنلندا والسويد التي تكلمت عنها صحيفة “الأنباء” المصرية، حيث ضغطت تركيا مؤخرا على هاتين الدولتين لإجبارهما على تسليم المعارضين الأكراد لها، مهددة إياهم بمعارضتها إنضمامهم للناتو إذا رفضتا هذا الطلب، وهو ما دفع بهما إلى إعادة التفكير بتسليم هؤلاء المعارضين، رغم أن هذا الشئ يتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان بحماية اللاجئين السياسيين.

وقد تكلمت صحيفة “تركيا بالعربي” التركية هي الأخرى عن بعض القضايا التي نلمس فيها ازدواجية معايير منظمات حقوق الإنسان كالقضية الفلسطينية، أين يتم التعامل مع ضحايا الكيان الصهيوني بطريقة مهولة ومضخمة إعلاميا، فيما يتم السكوت والتزام الصمت حيال المجازر التي يرتكبها المحتل الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المقدسة.

وكذلك تطرقت نفس الصحيفة التركية لمثال آخر حول سياسة ازدواجية المعايير، والمتمثل في قضية الصحراء الغربية التي تعتبر قضية إنسانية بحتة لشعب مستقل يطالب بالحرية والعيش في سلام، حيث تم التعامل معها بكل برودة من طرف منظمات حقوق الإنسان وصاروا يرجحون رأي ضمها للمغرب أكثر من احترام استقلال الشعب الصحراوي، وذلك تماشيا مع أهداف دول غربية.

والقائمة تطول لأمثلة عديدة تجسد تحكم الدول الغربية في قرارات منظمات حقوق الإنسان وتسييسها لخدمة مصالحها الخاصة وتمرير أجندة شيطانية في دول تعارض السياسات الغربية.