ليبيا-17-4-2024
استقال المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي مُعللا ذلك أنه “لا مجال لحل سياسي”.
وتغرق ليبيا منذ أحداث2011، في حرب أهلية وفوضى سياسية وأمنية، لم تتمكن الجهات الدولية من حلحلتها وإيجاد الحلول برغم اللقاءات والمبادرات والاتفاقات التي لم تلقى النور إلى اليوم نتيجة المحاصصة السياسية.
وعيُّن باتيلي في سبتمبر 2022 وهم مسؤول مخضرم من السنغال شغل عدة مناصب عليا ونجح في إدارتها، لكنه أُنتقد بحدة في ليبيا لدرجة إتهامه ب”السمسرة في الملف الليبي”، وقد ردّ على ذلك موجها كلامه للقادة الذي قال إنهم يُسابقون “مصالحهم الشخصية فوق حاجات البلاد” وذلك في إحاطته أمام مجلس الأمن، معلنا تأخر مؤتمر المصالحة الوطنية الليبية المقرر في 28 أبريل قد تأجل إلى أجل غير مسمى.
وبرغم محاولاته تجميع الطبقة السياسية المنقسمة إلا أن مساعيه فشلت نتيجة ما يسمى بالصراع عن المناصب، فالعناد المبالغ فيه صعّد الأزمة في ليبيا ولم تبالي الطبقة المتصارعة لمصالح الشعب الذي تحكمه حكومتين.
وتعليقا عن الاستقالة، قال المحلل السياسي الليبي، علي مصباح، في حديث مع صحيفة ستراتيجيا نيوز، إنّ الاستقالة كانت منتظرة ومن يراقب مسيرة العملية السياسية منذ جاء باتيلي يفهم أنه لن يستمر في إدارة أزمة لن تحل إلّا بتوافق ليبي-ليبي، معتبرا انّ المشكلة ليست في بعثة الأمم المتحدة ولا المحاصصة الدولية التي أثقلت كاهل الملف الليبي .
وأفاد مصباح بأنّ ليبيا التي باتت مُقسّمة بقرار دولي وتدخّل -سيطر على مداخيل ثرواتها المنهوبة- لن تحل أزمتها إلا حين يجلس الفرقاء الليبيين إلى طاولة الحوار ويتفقون على إجراء انتخابات نزيهة بمراقبة أممية وتشكيل حكومة واحدة تمثّل البلاد، وغير ذلك يعتبر ” هراءً”، وفق تعبيره.
ويرى محدثنا أنّ الحديث أنّ تصريح باتيلي إثر استقالته بخصوص رعاية الطبقة السياسية لمصالحها قبل وحدة البلد ومصلحة الشعب “كانت صادمة” لأنها حقيقة، مفصّلا “الليبيون يعرفون أن بلادهم باتت كعكة تُقسم أمامهم من قبل أبنائها وعملاء الخارج في الداخل لكن القرار ليس بأياديهم، لايستطيعون إيقاف هذه المهزلة التي أطالت عمر الحرب والفوضى الحاصلة، باتيلي ليس مخطئا، لعبة المصالح دمّرت ليبيا”.
من جانبه أكّد الصحفي الليبي عبد الخالق بن محمد، في حديث مع صحيفتنا، أنّ باتيلي عاين جيّدا الأوضاع قبل اتخاذ هذه الخطوة وحاول بكل جهوده إيصال ليبيا إلى إجراء انتخابات وحلحلة النزاع عبر توحيد الحكومة وبناء مؤسسات الدولة لكنه وجد نفسه محاطا بطبقة سياسية” جلبتها الولاءات الأجنبية” ولم يقدر على إقناعها بالمضي في مسار الحل وإنهاء حالة الفوضى والانقسام وتوحيد المؤسسة الأمنية والعسكرية.
وقال الصحفي الليبي إنّ المماطلة التي حظي بها الملف الليبي لا يمكن أن يتحمّلها أي مسؤول أممي يرغب فعلا في إيجاد الحلول لا مواصلة مسار التعطيل الذي يخدم أطرافا معروفة ولا يخدم الشعب الليبي الذي وجد نفسه أمام خيار الانقسام،”من المؤلم أن سكان الشرق يخشون سكان الغرب نتيجة المواقف السياسية، هذا يفسّر الحالة الليبية”.
وعن ترحيب عبد الحميد الدبيبة بموقف باتيلي في الإحاطة التي قدّمها أمام مجلس الأمن، قال محدثنا إن الحديث عن تسريع الجهود للوصول إلى عملية انتخابية نزيهة وشفافة تقوم على قاعدة دستورية عادلة، تضمن مشاركة جميع الأطراف دون إقصاء أو تمييز دون أي خطوات حقيقية تبرز نوايا الانخراط السليم في العملية السياسية دون فوضى وتحريض من الدبيبة وجماعته أمر لا معنى له، مشيرا إلى أنّ رئيس حكومة الوحدة الوطنية أكثر شخصية متمسكة بالسلطة ولا يرغب في التنحي بل يُعطّل مسار عمليات التفاوض.
ويعتبر محدثنا أنّ الحديث عن استقرار سياسي في ليبيا بات حلما بعيد المدى، مفسّرا” كيف نتحدث عن عملية انتخابية وشفافية في ظلّ عدم توافق ولو أولي على بنود الانتخابات، كل طرف يريد مسارا يمثّلُه، أين الليبيون من هذا “.
وأفاد عبد الخالق بن محمد بأنّ استقالة باتيلي ستعكرُ مسار الحل، ” كان باتيلي قادرا على العمل والمضي نحو عملية سياسية سلسلة تمثل جميع الليبيين دون إقصاء، لكن حالة الانسداد السياسي والتعنت المغلف بالمصالح الشخصية أفسد الوضع”.
ولا يعتقد محدثنا أن تجرى في ليبيا انتخابات قبل أن ضوء أخضر غربي، ” لا يخفى على أحد الكل يسير وفق أجندة أجنبية ولا يعرفون من مصلحة ليبيا إلا لون رايتها”.
الجدير بذكره أنّ باتيلي كان قد أعلن 22 نوفمبر الماضي، عن مبادرة تتضمن دعوة من وصفهم بــ”القادة الأساسيين”، وهم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة، بالإضافة إلى قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، للتوصل إلى تسوية سياسية بشأن القضايا ذات الخلاف السياسي المرتبطة بتنفيذ العملية الانتخابية.