الأثنين. ديسمبر 23rd, 2024

السودان-15-3-2024

لم يكن غرب السودان قد تعافى من تداعيات اقتتال بدأ سنة 2003، حين نشبت الحرب في أبريل الماضي بين الجيش وقوات الدعم السريع، فأعمال العنف الأخيرة هجّرت نحو ثمانية ملايين شخص في السودان، إضافة إلى أكثر من 400 ألف لاجئ سبق أن فروا إلى تشاد بين العامين 2003 و2020.

ويعيش السودان وضعا صعبا ومأساويا في ظل انسداد أفق الحلّ السياسي وتواتر الصراع بين الجيش  وقوات الدعم السريع حيث يتمسك كل طرف بمواقفه.

وفي ظل استمرار تدهور الوضع الإنساني، صوت مجلس الأمن الدولي منذ أسبوع على مشروع قرار يدعو لوقف إطلاق النار في السودان خلال شهر رمضان، ودعا النص الذي وافقت عليه 14 دولة طرفي النزاع إلى “السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن وبدون عوائق، بما في ذلك عبر الحدود وعبر خطوط المواجهة”..

لكن ذلك  لم يوقف نار الحرب والمأساة الإنسانية بل ظلّ حبرا على ورق.

وتسببت أعمال العنف في السودان بتدهور الأوضاع الصحية والاقتصادية، إضافة إلى النقص في إمدادات مياه الشرب النظيفة إثر خروج بعض محطات المياه عن الخدمة في انتشار الأوبئة في العديد من الولايات في البلاد. .

ولمعرفة مستجدات الوضع، قال السياسي  السوداني  والمحلل  الاستراتيجي عيسى ضيف الله، في حديث مع  صحيفة ستراتيجيا نيوز، إن الأوضاع في السودان تقترب من حافة الانهيار التام واصفا الوضع الإنساني بالمتدهور في ظل  ضعف  المساعدات الإنسانية التي  يعترضها تجار الحرب وتُعرقل بقصد.

وأفاد بأن النداءات التي أطلقتها الأمم المتحدة والدول الفاعلة لوقف إطلاق النار  والفوضى العارمة قوبلت باللامبالاة من الطرفين، مشيرا إلى أن دول الجوار السوداني تضررت بشكل كبير نتيجة موجة النزوح لها وما تمخض عن ذلك من أوبئة وأمراض معدية وأخرى  نتيجة التلوث.

 وأكد أنّ طرفي الصراع  يتمسكان بلغة السلاح الذي لن يكون الطريق  لحلحلة النزاع الذي أخذ أبعادا أخرى وتم تصعيده بشكل غير مسبوق ومختلفة عن أحداث 2003، لافتا إلى أن المبادرات الداعية لوقف الصراع الدامي جيّدة لكنها لم تتفعل لصعوبة التفاوض بين أطراف الحرب.

وتحدث عن تحركات مكوكية من قبل الكتلة الديمقراطية التي تعتبر جزءً من الحرية والتغيير  المنقسم على مجموعتين في الداخل والخارج والذي تأسست من تنسيقية القوى الديمقراطية الوطنية  والتي  اتفقت مع  حميدتي دقلو على كثير من الخطوات لتجاوز النزاع لكن قوات الدعم السريع تمسكت  بعدم إطلاق سراح المعتقلين  فضلا عن رفضها فتح الممرات الإنسانية الآمنة .

 وعن الهدنة التي أطلقتها الأمم المتحدة في شهر رمضان، أكد محدثنا أن الجيش  وخلفه الحركة الاسلامية رفضا النداءات وتمسكّا ببقاء الوضع المأساوي على حاله.

وذكّر ضيف الله  بإتفاقات الأحزاب السودانية عقب الإطاحة بالبشير على تسليم السلطة المدنية وعودة الجيش لثكناته ودمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني التي فجرت الأزمة بالسودان لكن ذلك بات أمرا صعبا، مبينا تعداد قوات الدعم السريع 100 ألف مقابل 200 ألف جندي في الجيش السوداني مما أظهر أن هناك جيشين في السودان.

وأكد الاستراتيجي، أن السودان يشهد حاليا مأساة، موضحا أن 5 ملايين سوداني يعيشون وضعا صعبا وتركوا منازلهم ر، معلنا دخول  بلاده في نفق مظلم.

بدوره قال رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، محمد مصطفى في حديث مع صحيفتنا، إنهّ منذ السيطرة على غالبية مدن دارفور وتمددها حتى واد مدني وأغلب مساحة ولاية الخرطوم من قبل قوات الدعم السريع أشعر الجيش السوداني بهزة عنيفة مسّت كل أركانه، وجعلته في موقف الأضعف على طاولة المفاوضات، لذلك صرف الجيش النظر عن المفاوضات حتى يستعيد جزءً من المدن التي أصبحت تحت سيطرة الدعم السريع، ليجلس على طاولة المفاوضات وهو أقوى.

 ولفت إلى أنّ تجميد السودان عضويته في الإيغاد وتوقف منبر جدة وكل المبادرات، باستثناء المبادرات البطيئة من بعض الدول، كان أمرا مصعدا للازمة “كأن الدعم السريع أراد أن يلقي حجرا في بركة الوسطاء الساكنة، وكأنه أراد أن يقول للذين وعدهم بالهدنة غير المعلنة نحن في حل عن تلك الهدنة، والبديل هنا بكل تأكيد هو زيادة وتيرة الحرب والعودة إلى خيار الحسم العسكري”.

ومنذ اندلاع حرب أبريل 2023 بين الدعم السريع وبين الجيش السوداني، توسعت قوات الدعم السريع في هجماتها على القرى والبلدات في مختلف الولايات التي وصلت إليها بعد العاصمة الخرطوم، خاصة كردفان ودارفور والجزيرة وسنار وأطراف النيل الأبيض، ونفذت اعتداءات وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين، وبدورها لفتت الناشطة الحقوقية ورئيسة منظمة دار السودان في برلين شاديا عبد المنعم إلى أن الوضع في السودان لا يقل بشاعة عما يحدث في غزة، فالإحصائيات قبل اجتياح منطقة الجزيرة كانت 10 آلاف قتيل و15 مليون جريح ولاجئ، النساء في جنوب وشمال السودان تدفعن ثمن هذه الحروب، ففي آخر اتفاق سلام حول حكومة ديمقراطية بين الحركة الشعبية والحركات المتنازعة، استولت حكومة الإسلاميين على السلطة قاطعة الطريق أمام هذا الاتفاق، لتستمر الحرب بويلاتها، عانت خلالها النساء من كافة أشكال العنف، ولم يسمع العالم بهذه الانتهاكات نتيجة التعتيم، فضلاً عن صمت المجتمع الدولي عن هذه الجرائم.

وأفادت بأنّ العديد من الانتهاكات حصلت بحق الأهالي وخاصة النساء والاطفال في درافور بالإضافة إلى الإبادة بالبراميل الحارقة والأسلحة المحرمة دوليا ومع ذلك لم يرتفع صوت التضامن مع الخرطوم، وفسرت: “نعلم جيدا أن الإمبريالية هي من تعتم ونعرف لماذا يتم استهداف السودان، فما حدث في ود مدني حصل مرارا في الجزيرة،  وما يتعرض له الناشطين/ات لا يمكن وصفه، كما تتعرض النساء في الكثير من المناطق نتيجة الحرب الدائرة للاغتصاب، فهناك مطالبات بحبوب منع الحمل من قبل النساء في السودان”، لافتة إلى أن كل امرأة وفتاة في خطر نتيجة تمدد العمليات في كافة المناطق، فالحروب تخاض على أجساد النساء، فالانتهاكات التي تحصل بحق النساء في السودان تنتهك حقوقهم.