06-10-2023
بعد حضور الدورة السادسة من معرض الصين والدول العربية، التي أقيمت في نهاية سبتمبر المنصرم في منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي بشمال غربي الصين، توجه “تشانغ هونغ” مباشرة إلى قاعدة زراعية محلية بحثا عن الـ”جيونتساو”، وهو من المحاصيل العلفية عالية الإنتاجية ويتمتع بإمكانية تنويع النظام الغذائي للماشية في موريتانيا.
وقال “تشانغ” إن الظروف الطبيعية في موريتانيا، البلد الرابض في شمال غربي أفريقيا وتشكل الصحراء 80 في المائة من مساحته، لديه العديد من القواسم المشتركة مع مسقط رأسه، نينغشيا. ومع المناخ الجاف ومحدودية الأراضي الصالحة للزراعة، يواجه هذا البلد تحديات هائلة في تنميته الزراعية.
وأصبح معرض الصين والدول العربية، الذي أقيم لأول مرة عام 2013، منصة مهمة للصين والدول العربية لتعزيز التعاون البراغماتي والتعاون عالي الجودة في إطار مبادرة “الحزام والطريق”.
وفي عام 2015، أنشأت وزارة التجارة الصينية وحكومة نينغشيا المحلية مركزا نموذجيا لتكنولوجيات تربية الماشية في موريتانيا كجزء من جهود الصين لتعزيز التعاون الزراعي مع الدول العربية.
وعُيّن تشانغ مسؤولا عن المركز، وقام جنبا إلى جنب مع المجموعة الأولى من الخبراء الصينيين الذين تم إرسالهم إلى موريتانيا بتزويد السكان المحليين بالإرشادات الفنية حول تربية الماشية وإنتاج الأعلاف ومعالجتها.
هذا وتعتبر تربية الماشية واحدة من الصناعات الأساسية في موريتانيا، ولكن النموذج الرعوي التقليدي في البلاد قد ألحق أضرارا وخيمة بالبيئة الإيكولوجية المحلية.
وقال تشانغ: “بما أن الماشية تتغذى عادة على العشب، فإن تحقيق زراعة المحاصيل العلفية على نطاق واسع في الصحراء يعد أمرا أساسيا للتنمية المستدامة لصناعة الماشية في موريتانيا”.
وتم إرسال “رن شيويه شان”، وهو خبير في العشب من نينغشيا، للعمل في المركز النموذجي في عام 2017. وبعد زراعة ما يقارب على 40 صنفا من المحاصيل العلفية في الصحراء وإجراء العديد من اختبارات المقارنة، حدد “رن” الخيارات الأكثر ملاءمة لظروف الطقس والتربة المحلية، ألا وهي: البرسيم الحجازي وعشب قاودان.
وفي هذا السياق، قال رن: “يُزرع هذان الصنفان على نطاق واسع في شمالي الصين، وهما مقاومان للحرارة والبرودة أيضا، كما أنهما ملائمان للتربة الرميلة، مما يجعلهما أنواع العشب المثالية للرعي في موريتانيا”.
علاوة على ذلك، لقد أدخل المركز أساليب الري الموفرة للمياه إلى موريتانيا، بما في ذلك الري بالتنقيط والري بالرش، وشجع على استخدام الأسمدة العضوية مثل روث الماشية والأغنام لتحسين جودة التربة.
ومن خلال مجموعة من التقنيات، زرع المركز النموذجي قرابة ألف مو أي حوالي 67 هكتارا من المحاصيل العلفية في بعض من المناطق الأقل خصوبة في العالم، ونجح في تحويل الصحراء الجرداء إلى أرض خضراء مع تنويع أعلاف الماشية المحلية.
وعلى مدى السنوات الفائتة، توسعت زراعة البرسيم الحجازي وعشب قاودان في المزيد من المناطق في جميع أنحاء موريتانيا وحازت على ثناء المحليين. وتقديرا لمجهودات “رن”، منحه الرئيس الموريتاني وساما وطنيا لمساهمته البارزة في تحسين التقنيات الزراعية للبلاد في عام 2019.
وبالإضافة إلى توفير خيارات تغذية وفيرة ومغذية للماشية، يركز المركز أيضا على تحسين سلالات الماشية أيضا. فمن خلال نقل الأجنة والتهجين، يقوم المركز بتطوير سلالات من شأنها تزويد ألبان ولحوم أبقار ذات جودة أفضل لموريتانيا، حسبما قال تشانغ.
ووفقا لتشانغ، فإن متوسط إنتاجية الألبان اليومي للأبقار المحلية يبلغ 2.5 لتر، أما سلالة الأبقار الجديدة فتنتج من 5 إلى 10 مرات أكثر من الألبان في المتوسط لأنها تتكيف بشكل أفضل مع البيئة.
وحتى يومنا هذا، قام المركز بتهجين 40 عجلا من خلال نقل الأجنة وقام بتوليد أكثر من 400 عجل هجين.
وقال تشانغ إنهم قدموا بعض السلالات الجديدة من الماشية للمزارعين المحليين، وإنهم يراقبون باستمرار استقرارها الجيني وقدراتها على التكيف مع البيئة عن كثب. وأشار إلى أن أداء السلالات الجديدة يحتاج إلى اختبارات دورية ومن خلال التربية على نطاق واسع.
وعلى مدى السنين، عقد المركز العديد من الدورات التدريبية للمتخصصين في تربية الحيوانات وقدم إرشادات تقنية وإدارية لأكثر من 1200 راعٍ محلي. وتقدم العديد من الموريتانيين للعمل في المركز لتعلم هذه التقنيات.
هذا ودرّب قو تسي تشون، خبير بيطري صيني، أكثر من 400 شخص خلال فترة إقامته في موريتانيا التي استمرت لمدة عام. وأعرب قو بفخر “لقد أصبح العديد من الشباب اليافعين في دوراتي التدريبية الآن العمود الفقري لتربية الحيوانات والصناعات البيطرية في بلدهم”.
وعلى مدى العقد الماضي، أرسلت نينغشيا أكثر من 20 خبيرا زراعيا إلى دول مثل موريتانيا وأنغولا لتقديم الإرشاد الفني حول تربية الحيوانات والآلات الزراعية والحفاظ على المياه، لمساعدة السكان المحليين على خلع قبعة الفقر.
وقال تشانغ: “عندما جئنا لأول مرة إلى موريتانيا، لم يكن السكان المحليون يفعلون أي شيء بشأن البيئة، وكانوا يتركون الطبيعة تأخذ مجراها، وبعدما رأوا ما قمنا به على مر السنين، رأوا بأم أعينهم أن الناس قادرون على تحسين بيئتهم الطبيعية، فباتوا يعملون لبناء حياة أفضل لأنفسهم”.