السبت. نوفمبر 16th, 2024

خاص – ليبيا


تراجع ملحوظ للنفوذ الروسي في ليبيا، مقرون باهتمام متزايد للولايات المتحدة الأمريكية فيها، يثير تساؤلات عديدة حول السبب وراء هذا التراجع، وحول مستقبل المعسكرات السياسية الليبية الموالية لروسيا أمام النفوذ الأمريكي المتنامي في هذه الدولة الغنية بالثروات النفطية.

والمثير للاهتمام هو أن النفوذ الروسي في ليبيا اقتصر على وجود قوات مجموعة “فاغنر” شرقي البلاد، والذي كان يحقق نجاحًا في تأمين البلاد وتمكين حلفائها عسكريًا، فقد كان لها دور كبير منذ عامين في الحرب التي شنّها المشير خليفة حفتر على ميليشيات طرابلس المسلحة، وكانت بمثابة ركيزة أيضًا لجيش المشير في تأمين الحدود الجنوبية وملاحقة فلول الإرهابيين، كون المجموعة تحظى بسمعة قوية مقرونة بنجاحات في أكثر من منطقة في محاربة الإرهاب.

ولكن على مدار العامين المنصرمين، لم تقم روسيا بلعب أي دور دبلوماسي قوي في البلاد، ومنذ توقيع اتفاق وقف اطلاق النار بين الأطراف الليبية، والسياسة الخارجية الروسية لم تتغير كثيرًا، بالرغم من أن حلفائها، سواءًا المشير حفتر أو رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، مازالا يجابهان المخططات الغربية لوحدهما وصامدان في وجه الأطماع الأمريكية، فلماذا لم تقم روسيا بدعم هذه المساعي الليبية للتحرر من الغطرسة الغربية إلى الآن؟

سؤال ربما تكون اجابته حديث مؤسس مجموعة “فاغنر” يفغيني بريغوجين، الذي قال: “قد أكون مخطئا ولا أعرف بعض التفاصيل عن العلاقات مع جنوب إفريقيا وأنغولا وبعض الدول الأخرى. لكن في البلدان التي أنا منغمس فيها جيدًا، أعتقد أننا لا نفعل شيئًا على الإطلاق”.

وأضاف: “تقوم بيروقراطيتنا بجعل كل شيء يأخذ وقتًا طويلًا، نحن لا نتخذ أي خطوات نشطة في هذه البلدان. وحتى عندما نقوم بمساعدتهم، تكون المساعدة بطيئة، وقليلة، بحيث يكون من الأفضل عدم تلقي مثل هذه المساعدة”.

واكمل بريغوجين في رده على الأسئلة: “في الأماكن التي يتواجد فيها فاغنر، نواجه صعوبات هائلة، خصوصًا من طرف وزارة الدفاع والخارجية، ولذلك وعلى الصعيد الآخر يتفاعل الأمريكيون والفرنسيون بشكل أكبر بعشرات المرات مع المعطيات في القارة الإفريقية بالمقارنة مع روسيا”.
مضيفًا: “انظر إلى ليبيا نفسها، حيث كانت العلاقات بينها وبين روسيا على أعلى مستوى قبل عامين. بينما الآن، دخل الوضع في ركود كامل وشامل. الليبيون يأتون ويطرحون السؤال: أين أنتم أيها الروس؟ إلى أين ذهبتم؟”.
وفي الختام تجدر الإشارة إلى أن تراجع حضور روسيا في ليبيا ليس بالضرورة حالة دائمة. لا شك في أن القادة الروس أو حتى مؤسس مجموعة فاغنر، قد تحرك أصواتهم صانعي القرار في الداخل الروسي. لأنه من غير المرجح أن يتضاءل هذا الاهتمام بليبيا أو بدول القارة السمراء، خصوصًا وأن موسكو ليست ممن يترك حلفائه دون دعم، وتقاعس وزارة الخارجية الروسية ربما لن يدوم طويلًا، وستعود بقوة لإصلاح أخطائها.