الخميس. ديسمبر 26th, 2024

أحمد سالم – ليبيا

ضيق الخيارات وتراجع النفوذ الروسي والضغط المتزايد من قبل الإدارة الأمريكية، دفعا بالنخب السياسية شرق ليبيا، للجلوس مع الوفود الدبلوماسية الأمريكية المتتالية التي ترسلها واشنطن لتثبيت هيمنتها على ليبيا، والدفع بجميع الأطراف نحو انتخابات رئاسية مفصلة على مقاس مرشحين موالين لها.

هذا الأمر الذي لم تكن تشهده ليبيا سابقًا، وتحديدًا منذ عامين، عندما كانت روسيا تفرض كلمتها في المحافل الدولية لحماية معسكر شرق ليبيا الرامي للحصول على استقلالية عن الهيمنة الغربية والحفاظ على سيادة البلاد من الأجندات الأمريكية.

ولكن أين روسيا الآن؟، وما هو مستقبل قوات جماعة فاغنر في ليبيا؟، ولماذا نشهد تراجعًا في الدور الروسي في المنطقة؟، كلها أسئلة حمل إجابتها مؤسس شركة فاغنر، يفغيني بريغوجين، الذي ألقى اللوم على وزارة الخارجية الروسية ووزارة الدفاع، اللذان تجاهلا النجاحات التي أحرزتها قوات فاغنر أثناء الحملة العسكرية للجيش الوطني الليبي على طرابلس لمحاربة الميليشيات المسلحة والإرهاب في 2019، وانتهت بتوقيع وقف اطلاق النار.

وقال بريغوجين ردًا على أسئلة صحفية قائلًا: ” قد أكون مخطئا ولا أعرف بعض التفاصيل عن العلاقات مع جنوب إفريقيا وأنغولا وبعض الدول الأخرى. لكن في البلدان التي أنا منغمس فيها جيدًا، أعتقد أننا لا نفعل شيئًا على الإطلاق”.

وأضاف: “تقوم بيروقراطيتنا بجعل كل شيء يأخذ وقتًا طويلًا، نحن لا نتخذ أي خطوات نشطة في هذه البلدان. وحتى عندما نقوم بمساعدتهم، تكون المساعدة بطيئة، وقليلة، بحيث يكون من الأفضل عدم تلقي مثل هذه المساعدة”.

واكمل بريغوجين في رده على الأسئلة: “في الأماكن التي يتواجد فيها فاغنر، نواجه صعوبات هائلة، خصوصًا من طرف وزارة الدفاع والخارجية، ولذلك وعلى الصعيد الآخر يتفاعل الأمريكيون والفرنسيون بشكل أكبر بعشرات المرات مع المعطيات في القارة الإفريقية بالمقارنة مع روسيا”.

مضيفًا: “انظر إلى ليبيا نفسها، حيث كانت العلاقات بينها وبين روسيا على أعلى مستوى قبل عامين. بينما الآن، دخل الوضع في ركود كامل وشامل. الليبيون يأتون ويطرحون السؤال: أين أنتم أيها الروس؟ إلى أين ذهبتم؟”.

لقد استطاعت روسيا تثبيت موقعها كقوة عالمية موازية لأمريكا، منذ إطلاقها العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وبدأ النظام العالمي بالتحول من نظام القطب الواحد إلى نظام متعدد الأقطاب، ولكن النفوذ الروسي لم يترجم بعد بشكل كامل في العديد من المناطق الداعمة لهذا التغيير بسبب تقاعس وزارة الخارجية الروسية، وهذا ما يحدث في ليبيا، التي تواجه خطر فقدان استقلاليتها وسيادتها لصالح الأطماع الأمريكية، كون هذه النخب السياسية الليبية لا تستطيع مجابهة هذه الأطماع الأمريكية المتنامية لوحدها، دون قوة عظمى كروسيا تدعم قضيتها.