السبت. نوفمبر 16th, 2024

طرابلس-ليبيا-16-02-2023

كتبت صحيفة الشاهد الليبية:تحل ذكرى أحداث 17 فبراير التي وقعت في ليبيا عام 2011 وأدت إلى سقوط النظام السابق بقيادة معمر القذافي.

تزامنت أحداث 17 فبراير في ليبيا مع أحداث ما سمي” الربيع العربي” التي اجتاحت البلاد العربية عام 2011، إلا أنها اتخذت في ليبيا منحني آخر مع تدخل قوات حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
ومع تصاعد أعمال العنف، أذنت الأمم المتحدة للمجتمع الدولي في 17 مارس، بالقيام بعمل عسكري بزعم “حماية السكان”، وهو ما شكل بالتالي دعماً لمعارضي القذافي، وبعد يومين فقط من القرار الأممي، بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الغارات الجوية ضد قوات الجيش الليبي، وفي 31 مارس، تولى حلف شمال الأطلسي قيادة العمل العسكري هناك.

وقامت قوات الناتو في العام 2011 بأكثر من 26500 طلعة جوية، منها 9700 طلعة قصف جوي، بالإضافة إلى طلعات ضرب لتحديد الأهداف..
كما دمرت أكثر من 5900 هدف بما فيها الأهداف العسكرية والمدنية، وأكثر من 400 مدفعية وقاذفات صواريخ، وأكثر من 600 دبابة أو عربة ومدرعة.

وبعد أشهر من تدخل حلف الناتو العسكري تمكنت قوات المعارضة في أكتوبر 2011، من السيطرة على مدينة سرت، وقتل المتمردون معمر القذافي..

تقول الكاتبة والمحللة السياسية عفاف الفرجاني، إن قوات الناتو ارتكبت جرائم حرب في ليبيا خلال العام 2011، وعمدت إلى إغراق ليبيا بالسلاح وإتاحة المجال للمجموعات المتطرفة والإرهابية، مشيرة إلى أن العداء القديم لشخص القذافي منذ ثورة الفاتح كان أحد الأسباب.

وذكرت أنه تم الدفع بمجموعات موالية لواشنطن من أجل إحداث الفوضى، وكان من بين الأهداف السيطرة على ثروات ليبيا، وهو ما يفسره الوضع الراهن، الذي تمد فيه أنابيب الغاز إلى أوروبا دون حسيب ولا رقيب.

وتؤكد الفرجاني، أن هدف الغرب كان تدمير ليبيا من أجل السيطرة على ثرواتها عبر الأجسام الموالية، وهو ما قامت به الحكومات، وأخرها حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد دبيبة.

ورصدت جرائم حرب ارتكبتها قوات الناتو خلال تدخلها في ليبيا، مشيرة على سبيل المثال لا الحصر إلى غارة جوية لطائرات الناتو،استهدفت في 8 أغسطس 2011، منزلين لعائلات بقرية ماجر، قتل على أثرها 34 شخصا، منهم 8 أطفال ومثلهم من النساء، بالإضافة إلى إصابة آخرين غيرهم.
وبعد سقوط نظام القذافي وتدمير الجيش الليبي بفعل تدخل الناتو العسكري العنيف ، تمكنت الميليشيات بشتى أنواعها وتنوع انتماءاتها من التغلغل والنفوذ والسيطرة على البلاد، حتى أصبح في ليبيا أكثر من 300 ميليشيا مسلحة، إلى جانب التنظيمات الإرهابية كتنظيميْ “داعش” و”القاعدة”.

وبرغم مرور 12 عاماً على أحداث 17 فبراير لا تزال الميليشيات تسيطر على غرب ليبيا، وتنهب وترهب، وتشكل الآن أكبر المعوقات لإعادة الاستقرار إلى البلاد.

من جهته، قال المتحدث باسم الحركة الوطنية الليبية، ناصر سعيد، إن الغرب سعى خلال عام 2011 إلى إخراج ليبيا من المشهد لـ 50 سنة، والإبقاء عليها دولة فاشلة حتى لا تقوم بدورها في محيطها المغاربي والعربي، مشيراً إلى أنها ظلت دون سيادة منذ حينها، ويتحكم السفراء الأجانب في المشهد وإدارة الدولة.

ولفت إلى مشهد آخر يتمثل في السيطرة على المصرف المركزي الليبي، الذي يخضع لإدارة كاملة من بعض الدول الغربية والتي تُبقي على الصديق الكبير على رأس المصرف منذ سنوات طويلة بدون تغييره.

وتؤكد الوثائق والكتب التي نشرت، أن حلف الناتو تعمد تدمير ليبيا في عام 2011 من خلال تدميره البنية التحتية في البلاد، وتدمير الجيش الليبي بزعم حماية الثوار، وهو ما أفسح المجال لسقوط البلاد في أيدي الميليشيات والتنظيمات المتطرفة، والعبث بمقدرات الشعب الليبي وسرقة ثرواته.
واعتبر جبريل العبيدي، الكاتب والمحلل السياسي، أن تاريخ 17 فبراير مجرد تاريخ مؤلم يعبّر عن حالة انقسام وفوضى ونهب للدولة، من دون أن يحقق أدنى مستوى من العدل والمساواة حتى الحرية، بعد أن فشل التغيير في الخروج من عباءة الفوضى بمسمى “الثورة” إلى الدولة.

واعتبر العبيدي في مقال له نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، بعد مرور سنوات العشرية السوداء، أنَّ أغلب الناس يرون في 17 فبراير نكبة على البلاد والعباد جلبت الفوضى والدمار والتهجير والميليشيات والجماعات المسلحة كافة التي استخدمت العنف وسيلة لتحقيق مطالبها، وسيطرت على العاصمة وقسمتها إلى كيانات، وكأنها أصبحت أرضاً مشاعاً، ليس هناك إلا رعب السلاح، وتخويف الناس العزل، وقضّ مضاجعهم، والاستيلاء على أشيائهم، وكأننا عدنا إلى إنسان الغاب.

وأضاف أن 17 فبراير ارتبطت ببعض الشخصيات الجدلية، ومنها الفرنسي برنار ليفي، صاحب الولاء المطلق للصهيونية، الذي لعب دوراً مهماً في الترويج لأهمية التدخل الدولي، ويقول إنه صاحب الفضل في إقناع الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي بتنفيذ ضربات جوية ضد الجيش الليبي، بعد أن تم تشويهه وتسميته “كتائب القذافي” ليسهل إقناع الناس بشرعية ضربها، لدرجة أن مفتي الجماعات الإسلامية و”مفتي” ليبيا لاحقاً الغرياني وصف طائرات ساركوزي وحلف الناتو بـ”الطيور الأبابيل” في سابقة لشيخ “دين” يضلل الناس بتأويل كاذب.

وتابع قائلا: برنار ليفي، الذي يصفه البعض بـ”غراب” الثورات، هو نفسه الذي قال عمّن يسمون بـ”ثوار” فبراير، في كتابه “الحرب دون أن نحبها”: “إنهم مجموعة من الأغبياء، كانوا يصفون القذافي بـ(اليهودي)، بينما يقومون بحمايتي، وأنا اليهودي بينهم، ولهذا وصفت “ثورة” فبراير من قبل معارضيها بالخيانة والعمالة والمؤامرة”.

واستطرد العبيدي قائلا: تحول أغلب من يزعمون أنهم ثوار إلى أمراء حرب، همّهم جمع المال، حتى أصبح جميع أمراء الميليشيات مليونيرات في بضع سنين، في حين كان أغلبهم لا يملك فطور يومه.

واختتم بالقول: ،مرّ أكثر من 10 أعوام، والبلاد في تخلف تام، والعالم من حولها يبني ويشيد، بينما هي ابتليت بعصابات وميليشيات تنهب المال العام وتوظفه لأغراض شخصية”.