الأحد. ديسمبر 29th, 2024

عادل الحبلاني : قسم البحوث والدراسات والعلاقات الدولية

مراجعة: الدكتور ة بدرة قعلول-

يبدو أنه من الجور اعتبار عقد القمة العربية الصينية في السعودية ضرب من ضروب استغلال الصين للفجوة التي أحدثها التباين والتدني في العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، ويعود ذلك بالأساس إلى عديد المعطيات التي تؤكد أسبقية عقد القمة على التوترات السعودية مع حكومة بايدن خاصة بعد قرار أوبك + تخفيض انتاج النفط.

 وإنه لمن الانصاف الوقوف على أهمية القمة الصينية العربية وأهميتها على المستويين البعيد والقريب وعلى العلاقات الاستراتيجية العربية الصينية التي يشهد العالم بتقدمها على جميع الأصعدة وفي جميع المجالات، وإنه لمن حسن التدبر أن نبين ما قد يعود على الدولة التونسية من شراكات اقتصادية وتجارية قادرة على الترفيع في حجم المعاملات التونسية مع بقية الدول وتنويع مصادرها.

تندرج القمة الصينية العربية في السعودية ضمن إطار مبادرة التنمية العالمية المشتركة التي أطلقتها جمهورية الصين الشعبية بعد “مبادرة الحزام والطريق”وتهتم المبادرة المزمع عقدها في الرياض بقضية التنمية المشتركة بين الدول العربية والصين الشعبية على وجه الخصوص، إيمانا منها بضرورة توجيه الجهود العالمية نحو هذا الهدف المنشود والمتمثل بالأساس في تحقيق التنمية العالمية الشاملة العادلة والمتوازنة والانمائية التي نادت بها الأمم المتحدة في إطار التنمية المستدامة والمتماهية مع التصوراتالصينية للعلاقات الدولية.

تعتبر هذه القمة قمة استثنائية لما تسعى إلى تحقيقه من تعاون وتبادل في مجالات وأنماط أكثر تطورا على غرار الاقتصاد الرقمي ومجالات الاتصالات وتقنيات الجيل الخامس والبيانات الكبرى وغيرها من المجالات الغير نمطية ذات الطابع التكنولوجي.

 من الواضح جدا حسب مخرجات الجلسة الافتتاحية للدورة الثالثة للمنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية الذي عقد عن بعد من خلال المنصة الرقمية وما جاء في كلمة الأمين المساعد و رئيس قطاع الشؤون العربية والأمن القومي والمشرف على قطاع الشؤون السياسية الدولية بالجامعة العربية السفير خليل الذوادي، أن العلاقات الصينية العربية تجاوزت الأنماط التجارية والتبادلية الكلاسيكية لتتصل بالقضايا العربية والدولية والاقليمية والجهود الديبلوماسية الصينية لبحث سبل التعاون والتنمية المستدامة والمنفعة المشتركة: أن القمة الصينية العربية بالرياض ستكون أكثر عمقا وأكثر مردودية.

 من جهته أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن القمة ستكون  متعددة الأبعاد والمستويات وذلك لماستمثله من حاضنة كبرى للعلاقات العربية الصينية، حيث سيتم تقسيم هذه الأخيرة إلى ثلاث مجالات اهتمام:

  1.  الأولى فستكون مخصوصة للعلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية
  2. 2-   أما الثانية تأخذ رقعة اتساعها شكلا أكثر تشاركية مع دول الخليج
  3. وأما الثالثةفسوف تنعقد مع بقية الدول العربية إيمانا منها بضرورة مزيد تنمية العلاقات العربية الصينية وتجذيرها والعمل على خلق كل أشكال التعاون وفتح المجالات التي مازالت رهينة بحث طرق تطويرها.

كما أننا نرى أنه من الأهمية بمكان أن تكون تونس ممثلة برأس السلطة في الرياض لأن القمة ستكون لها نتائج ممتازة جدا على صعيد العلاقات التونسية الصينية، وخاصة وأن الرئيس الصيني سيكون له لقاء مع الرئيس التونسي السيد قيس سعيد وهذه القمة نعتبرها فرصة تاريخية لتعزيز العلاقات والشراكات التونسية الصينية على أعلى مستوى.

فالدولة التونسية مدعوة إلى حضور القمّة العربية الصينية الأولى بالمملكة العربية السعودية من خلال استدعاءها رسميا من قبلالمبعوث الصيني الخاص وسفير المنتدى العربي الصيني “لي شان”، الذي كان له لقاء رسمي مع وزير الخارجية التونسية ” عثمان الجرندي” والذي أبدى بدوره ترحاب الدولة التونسية بهكذا مبادرة، مؤكدا في نفس السياق على عزم تونس المساهمة في انجاح هذه القمة والخروج بمشاريع عملية تستهدف جميع القطاعات.

ولهذا، فإننا ندعم الحضور التونسي بأكثر قدر ممكن من التمثيليات السياسية وخاصة من الرئاسة والمتمثلة في شخص الرئيس قيس سعيد، ورجالات الأعمال وأصحاب المؤسسات وكبرى المؤسسات التكنولوجية والاتصالية والمشتغلة في قطاعات الرقمنة،وأن يكونوا محملين بمشاريع ومقترحات عملية، ويعود ذلك إلى نوعية المشاريع المطروحة على جدول أعمال القمة الصينية العربية والتي ستستهدف الاتصالات والتكنولوجيا والتعدين والصناعات التحويلية والاقتصاد الرقمي والبنى التحتية وغيرها من مجالات التعاون التي تدعم فكرة التنمية الشاملة والمستدامة.

 بالإضافة إلى مزيد دفع حركة الأنماط الكلاسيكية كالمبادلات التجارية ومزيد تطويرها، ناهيك عن تنويع العلاقات الدولية التي من شأنها أن تفتح نوافذ أكثر مردودية على الاقتصاد الوطني وصناعة مستقبل جديد أكثر عدالة وأكثر حرية.

الخلاصة:

تمثل القمة العربية الصينية ثمرة لسيرورة تاريخية من حسن العلاقات الصينية العربية، أبدت فيها كل الأطراف نوايا التعاون والتشاركية اللامشروطة سوى بالاحترام والنفع المشترك والمتبادل كأساسات لمزيد تأصيلها وتجذيرها وتطويرها على جميع المستويات وفي جميع المجالات وسيكون يوم 07 ديسمبر 2022 نقلة نوعية يجب استثمارها في العلاقات التونسية الصينية واستعداد تونس الجدي لتنويع علاقاتها وشراكاتها الدولية.