الجمعة. نوفمبر 15th, 2024

إفريقيا-03-10-2022


لم يكن يخطر ببال الساسة الفرنسيين إلى وقت قريب، أن يحدث هذا التحوّل المفاجئ في فكر الشباب الأفارقة رفضا للوجود الفرنسي وسياسة الابتزاز والهيمنة التي ظلت فرنسا تنتهجها طوال عقود من الزمن، سواء عبر توظيف بعض الحكام أو استغلال مساعداتها وأخطبوطها الثقافي أو شركاتها المتعددة.

بعد أن احتلت فرنسا بلدان الشمال والغرب الافريقي ونهبت الموارد لتبني مصانعها ورفاهها، ظلت العقلية الاستعمارية الفرنسية على حالها في نظرتها الدونية إلى الأفارقة وفي مواصلة النهب للثروات ومحاولة تأبيد نفوذها الثقافي وهيمنتها السياسة والمالية على خمس عشرة دولة.
هبت رياح قوية في عديد بلدان القارة الافريقية ضد استمرار الوجود الفرنسي، في مالي وبوركينا فاسو وإفريقيا الوسطى وغينيا والنيجر وتشاد وبوركينا.. وانتفض الشباب ضد الهيمنة والمصالح الكبيرة التي ظلت تتمتع بها فرنسا على حساب الشعوب الافريقية..

والتغيير الفعلي في حال الأمن في مالي هو الذي فتح أعين الأفارقة على الممارسات الفرنسية وإرسال الجيوش بذريعة محاربة الإرهاب، وما هو إلا غطاء لنهب المعادن الثمينة، وقد أثبتت دولة مالي ذلك بالأدلة القاطعة

وبعد أن استتبّ الأمر للوطنيين في مالي قرّرت شعوب غربي إفريقيا أن تسير في النهج نفسه، فجاء انقلاب دولة “غينيا كوناكري ” ، وبدا التململ في بوركينا فسارعت فرنسا إلى انقلاب أتت بأحد رجالها وهو الكولونيل “دمببا” الذي تظاهر بأنه ينتهج منهج مالي، ولكن سرعان ما اكتشف دوره فوقع الانقلاب الأخير بواسطة ضباط صغار وجدوا دعماً شعبياً منقطع النظير، وهرب الكولونيل “داميبا” وتدخّلت السفارة الفرنسية عن طريق بعض الضباط الكبار للوساطة لإعادة “داميبا” فقوبل هذا العرض بالرفض القاطع، ما جعل الشعب يثور على المصالح الفرنسية في كل الجمهورية حيث أحرقت مباني السفارة والقنصلية الفرنسية والمركز الثقافي.

وتعد بوركينا فاسو بالنسبة إلى الفرنسيين بوابة تحفظ لهم الطريق إلى ساحل العاج، كما أن تشاد بوابة للمحافظة على نفوذهم في النيجر التي تقوم فرنسا منذ وقت طويل باستغلال مناجم اليورانيوم عبر شركة”أريفا” التي توفر أكثر من 30 بالمائة من الطاقة المنتجة للمفاعلات.