الخميس. ديسمبر 26th, 2024

محمد مرزوق – السودان


منذ الإطاحة بنظام البشير والقوى السياسية المدنية تنادى بابتعاد المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي، وقد تم إشراك هذه القوى في الحكم بداية من صيف 2019 إلي غاية نهاية اكنوبر 2021، ولم يأتوا بأي برنامج بناء يصب في مصلحة السودان وشعبه، ويرى البعض أنّ المؤسسة العسكرية تنزاح عن الطريق السياسي لتترك المجال للقوى السياسية المدنية للتشاور والتحاور لتسيير ما تبقي من المرحلة الإنتقالية، وهو ما أكده قائد المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان ونائبه حميدتي، وكان من المتوقع أن يلقي هذا القرار توافقا واتفاقا من قبل القوى السياسية الفاعلة في المشهد السوداني، ولكن هيهات أن يحدث هذا، بالعكس لقد اشتدت ضراوة الصراعات والإنقسامات داخل هذه الأحزاب والتحالفات، حيث اتفق الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين ولجان المقاومة علي أن خطاب حميدتي ما هو إلا خديعة وذر للرماد في العيون، وفي الضفة الأخري رحبت قوى الحرية والتغيير وحركة العدل والمساواة والحزب الإتحادي الديمقراطي بقرار انسحاب المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي ووصفته بالقرار الإيجابي.
هذا ويجدر بالذكر أن هذه الأحزاب تتناقض مع ما كانت تدعو إليه بالأمس القريب، حيث كان كل طرف فيها يريد توحيد باقي القوى والأحزاب المدنية تحت رايته، وهاهي اليوم اتفقت علي انها لن تتفق أبدا، كما أنها بدأت في كشف أخطاءها السابقة أثناء مشاركتها في حكومة حمدوك، فلجنة إزالة التفكيك علي لسان وجدي صالح عبده أقر بارتكابها أخطاء فادحة أثناء مشاركتها في حكومة حمدوك، وهاهي اليوم تقر مريم الصادق المهدي نائبة رئيس حزب الأمة بأن حمدوك اتخذ قرارات كثيرة بدون مشورة أحد من أعضاء حكومته، ومن بينها التعويضات الضخمة التي دفعت للولايات المتحدة الأمريكية مقابل مسح اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، وكذا استدعاءه لبعثة اليونيتامس وقرارات البنك الدولي كما صرحت أن الحكومة كانت تفتقر للخبرة الكافية لتسيير الحكم في السودان ما أدي إلي فشل ذريع في أداءها، دون أن ننسي أن الأخيرة كانت تقول فيما مضي أن القوى السياسية المدنية هي الوحيد القادرة علي تسيير أمور الحكم وانهاء أزمة السودان.
في أول الفترة الإنتقالية تسلمت القوى السياسية المدنية الحكم في السودان وبينت فشلها في التسيير وهاهي اليوم تتخبط في صراعاتها دون إيجاد حل لتسيير ما تبقي من الفترة الإنتقالية بعدما ترك لهم المكون العسكري المجال السياسي.