السبت. نوفمبر 16th, 2024

9 مارس 2022


بقلم محمد يحيى ولد باب أحمد: أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدستوري والحريات العامة بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس المنار

ليس من مصلحة أي من أطراف الصراع في مالي استعداء موريتانيا، وخصوصا إذا ما تعلق الأمر بالحكومة المالية التي يتهم عساكرها حاليا بتكرار استهداف المواطنين الموريتانيين على أراضيها، ففي حين أن تلك الحكومة ترزح حاليا تحت وطأة حصار خانق، فإنها لا تجد من متنفس من جميع جيرانها إلا من جهة الجارة الموريتانية، فأنى لها والحال كذلك استعداء هذا المتنفس الوحيد؟

من هذا المنطلق فإنه من المنطقي البحث عن مصدر الاعتداء على الموريتانيين من خارج الفرقاء الماليين جميعا، وخصوصا منهم الطرف الحكومي.

ولعله من الملفت للانتباه، أن تصاعد الهجمات ضد الموريتانيين، إنما تزامن مع قرار السلطات المالية الجديدة طرد العسكريين الفرنسيين من أراضيها، فهل من علاقة طردية مباشرة أو غير مباشرة بين الأمرين: طرد الفرنسيين من مالي والاعتداء على الموريتانيين فيها؟

ليس من مصلحة موريتانيا في شيء انسحاب القوات الفرنسية من مالي، لأن مثل ذلك الانسحاب من شأنه أن يولد فراغا أمنيا: استخباراتيا وعسكريا، سيتحتم على الجارة الموريتانية تعويضه أو جزءا منه على الأقل درءا لدخول مجموعات من أمراء الحرب المتصارعين هناك أو محاولة تمدد بعضهم إلى الساحة الموريتانية المجاورة.

غير أنه بالمقابل يمثل الحصار المفروض حاليا على الدولة المالية من قبل جيرانها الأفارقة الآخرين فرصة نادرة للحكومة الموريتانية للاستفادة من هذه الوضعية وتسويق الموانئ الموريتانية كأداة أساسية للسيطرة على التجارة في مالي تصديرا واستيرادا مع كل ما يترتب عليه ذلك من استفادة اقتصادية وحتى وصولا إلى التأثير السياسي على قرارات هذا البلد المجاور فى المنتديات الإقليمية والدولية بأكملها.

وفى هذه النقطة بالذات يبرز التناقض صارخا بين المصالح الموريتانية والمصالح الفرنسية في التعاطي مع الشأن العام في الدولة المالية، ففي حين تكمن مصلحة موريتانيا في التعاون مع الحكومة المالية، أيا كانت طبيعتها من أجل استقرار المنطقة وتكثيف التبادل التجاري بين الجارتين، تكمن مصلحة فرنسا، في زعزعة نظام الدولة المالية، وإظهار عجزها عن بسط نفوذها بدون التواجد العسكري الفرنسي فيها، وخصوصا ضرب علاقاتها مع الجارة الموريتانية التي أصبحت تمثل ملاذها الوحيد للتموين بعد حصارها من قبل الأقربين الآخرين من دول الجوار، فهل تكون فرنسا – صاحبة المصلحة الجلية في أزمة بين مالي وموريتانيا – هي من يقف خلف تلك العمليات المستهدفة للموريتانيين في ذلك البلد؟