باماكو-مالي-25-12-2021
يبدو أن التحذيرات والتصريحات المتواترة الفرنسية والأوروبية لم تثن سلطات مالي عن استقدام مجموعة “فاغنر” الروسية لملء الفراغ الذي أحدثته الخطط الفرنسية لخفض قوة “برخان” إلى النصف والتخلي عن القواعد التي كانت تشغلها في شمال البلاد
وفي اجتماعهم في بروكسل يوم 13 ديسمبر الجاري، أرسل وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي، مجددا، رسالة تحذير إلى رئيس الدولة المالية الكولونيل هاشمي غايتو، من خلال قرار بالإجماع فرضت بموجبه عقوبات على المجموعة الروسية.
ليس سرا أن باريس المنخرطة في مالي عسكريا منذ عام 2013 سعت إلى إشراك أوروبا معها من منطلق أن استقرار الساحل يعني استقرار أوروبا، وأن محاربة الإرهابيين هناك هو لتجنب محاربتهم على التراب الأوروبي.
ويزعم الساسة الأوروبيون أن الإستعانة بـ”فاغنر” من شأنه ان يؤدي إلى مزيد من تدهور الوضع الأمني في بلدان غرب إفريقيا ويفاقم أوضاع حقوق الإنسان في مالي وسيهدد مصير اتفاق السلام والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر.
وبحسب معلومات غربية،نشرت “فاغنر” عناصر لها في 20 بلدا إفريقيا.
وترى مصادر أوروبية متابعة لتطورات الوضع في مالي أن البيان يتضمن ثلاث فقرات أساسية: الأولى تؤكد بدء انتشار “فاغنر” في مالي ما يعني فشل الغربيين، وعلى رأسهم فرنسا، والثانية تتناول دور روسيا التي يتهمها الغربيون بتسخير الطائرات العسكرية التابعة للجيش الروسي في نقل الأفراد والعتاد إلى مطار باماكو، والفقرة الأهم تتناول قرار الغربيين الإبقاء على وجودهم في مالي برغم انتشار “فاغنر”، ويمثل هذا الأمر تحولا رئيسيا في الموقف الفرنسي، إذ إن باريس ما فتئت منذ عدة أشهر، تؤكد أن وصول “فاغنر” يعني خروج القوات الفرنسية.
باريس لاتتحدث عن فشل تدخلها المزمن في مالي، إذ إنها تؤكد على النجاحات العسكرية التي تحققها في الحرب على “الجهاديين” ،لكن وصول “فاغنر” وما يرافقه من احتمال وضع اليد على ثروات البلاد المعدنية يشكلان إخفاقاً لباريس يترافق مع تصاعد الشعور المعادي لفرنسا في مالي وفي غيرها من بلدان الساحل مثل النيجر وبوركينا فاسو.. لذا، فإن السؤال يتناول الاستراتيجية الفرنسية ــ الأوروبية ــ الغربية في هذا البلد للشهور والسنوات المقبلة، ومعرفة ما إذا كان “التعايش” ممكناً بين الغربيين و”فاغنر”.