الأحد. نوفمبر 17th, 2024

مرزوق محمد – ليبيا -13-12-2021


كل ما يدور في ليبيا حالياً، يؤكد أن الانتخابات الرئاسية تواجه تحديات كبرى، في حين أن المتنافسين على منصب رئيس للدولة يبدون أقرب إلى التنافس على رئاسة أقاليم أو حكم محافظات أو بلديات أو زعامة قبائل أو عشائر، معتمدين على القوة المسلحة على الأرض والمال السياسي واستغلال النفوذ، والأسبقية بالطبع لمن يمتلك الثروة والسلطة والسلاح.

ما حدث في سبها دليل على أن ما يحدث في ليبياً حاليا لا علاقة له بالحرية والديمقراطية ولا بالإرادة الشعبية، فقد تم منع المحكمة من الانعقاد للإعلان عن قرارها بشأن طلب الاستئناف الذي تقدم به سيف الإسلام القذافي، ضد الإجراء المتخذ في حقه من قبل مفوضية الانتخابات، والقاضي بإقصائه من السباق كنتيجة للضغط المسلط من قبل السلطات الحكومية، ومن قوى داخلية وخارجية ترى أن فسح المجال أمام سيف الإسلام لخوض المنافسة ليس في صالحهم، نظرا للقاعدة الشعبية الواسعة التي يحظى بها.

فقد سبق وأن تقدم سيف الإسلام إلى دائرة الطعون بمحكمة الاستئناف في سبها بطلب طعن في قرار المفوضية، وكان من المنتظر أن يصدر حكم بإعادته إلى السباق، كما حدث مع مرشحين آخرين.

ولكن عندما أزفت لحظة الرد، قامت جماعة مسلحة بمحاصرة المحكمة، ووصلت تهديدات مباشرة إلى القضاة، واستمر الوضع على حاله بشكل تأكد من خلاله أن أمراء الحرب وأصحاب المصالح لا يريدون لسيف الإسلام أن ينافسهم على الرئاسة، فاضطرت لجنة الطعون إلى الاستقالة من مهمتها، ولم تستطع البعثة الأممية أن تستمر في تجاهلها للحادثة ولاسيما بعد خروج متظاهرين في المدينة للتعبير عن رفضهم لمحاولة السيطرة على القضاء والتأثير على أحكامه المتعلقة بالاستحقاق الانتخابي.

ولم تجرؤ المفوضية كذلك على التشكيك في حقّ المشير خليفة حفتر في الترشح، على الأقل بسبب الجنسية الثانية الأميركية التي يمتلكها، ولكنها استهدفت بالأساس ابن القذافي بدعوى أنه قد صدر في حقه حكم قضائي، رغم أنه ليس نهائياً كما نص على ذلك القانون، وتم نقضه من قبل المحكمة العليا قبل أشهر.

وفي طرابلس قبلت دائرة الطعون بمحكمة الاستئناف الطعنين المقدمين ضد ترشح الدبيبة، وأعلن عن قرار باستبعاده من المنافسة على منصب رئيس الدولة. ولكن جميع المؤشرات التي أكدت على أن هناك ترتيبات تجري من وراء الستار كانت صائبة، حيث أصدرت محكمة استئناف طرابلس، أمس الأربعاء، حكماً لصالح رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، ورفضت طعنين بحقه وأعادته إلى قائمة مرشحي الانتخابات الرئاسية، وفق ما ذكرت وسائل إعلام محلية.

هناك مسائل يبدو أنه تم الحسم فيها نهائياً، ومنها أنه من غير المسموح لسيف الإسلام القذافي خوض غمار المنافسة على منصب الرئيس، نظراً إلى خوف بقية الأطراف من فوزه الذي قد يكون مستحقاً نتيجة القاعدة الشعبية الواسعة التي يحظى بها، كما أنه يبقى الطرف الثالث في المواجهة المفتوحة.حيث يتميز سيف بأنه لا يمتلك قوة مسلحة على الأرض كالطرفين الآخرين، وهما الجيش في الشرق بقيادة المشير خليفة حفتر، والميليشيات في غرب البلاد والتي من المفترض أنها تخضع للسلطة القائمة.
وفي حال فوز الدبيبة، فإن الشرق سيرفضه، وفي حال فوز حفتر، فإن الغرب لن يقبل به. ولا أحد منهم يستطيع بسط نفوذ سلطته على كامل أرجاء البلاد، وسيكون من الطبيعي أن يتم تجميد الوضع على ما هو عليه، وأن يتم التخلي عن الجدول الزمني لإخلاء القوات الأجنبية والمرتزقة.
الشعب الليبي يعرف أن سيف الإسلام القذافي ليس له ولاء لتركيا ولا يخضع لضغط المليشيات في الغرب الليبي، ووجوده كرئيس لليبيا سيعني أولاً وقبل كل شيء حل الميليشيات، وجمع السلاح، وتوحيد المؤسسة العسكرية، وإجلاء المسلحين الأجانب، وإعلان المصالحة الوطنية الشاملة، وجمع كل الفرقاء تحت سقف قاعدة واحدة للإعلان عن تدشين مرحلة جديدة يقبل فيها كّل منهم بما ستفرزه من قيادات سياسية وسلطات حكومية. وأنه الشخصية السياسية الأنسب لقيادة المرحلة الأخطر في تاريخ ليبيا، والمتعلقة بتحقيق الأمن والإستقرار والإزدهار.