إفريقيا-27-11-2021
كانت بوادر العنف وخيوطه تتجمع في عديد بلدان القارة الإفريقية لتأخذ أشكالا أخرى متصاعدة منذ تدخل الاستعمار القديم في الشؤون الإفريقية وحتى الوصول إلى المرحلة الأخطر التي اتخذ فيها العمل الإرهابي الطابع المنظم الذي يسير وفق قواعد ومناهج محدّدة، من خلال تشكيل تنظيمات وجماعات عابرة للحدود.
في أواخر ستينيات القرن الماضي كانت العوامل الرئيسية الهامة المحركة للعنف هي فشل وعود التنمية والاستقرار بعد الاستقلال، ومشكلات الحدود الموروثة من التقسيم الإستعماري التعسفي، وكذلك انتشار الفساد المالي والإداري والأمني، وضعف مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية، وسوء الإدارة والتهميش المجتمعي والقبائلي، والاستيلاء على السلطة وإدارة الحكم، وحتى الاختلافات الأيديولوجية بين النظم السياسية والحزبية والعديد من الجماعات ومن مكونات المجتمعات الإفريقية المتنوعة، وصولاً إلى النزعات الانفصالية التي ازدادت انتشاراً في العالم.
تشير العديد من الدراسات المتخصصة في مكافحة الإرهاب إلى أن المرحلة الثانية من الإرهاب في إفريقيا في السبعينيات كانت مرتبطة بقضايا غير إفريقية، أما المرحلة الثالثة وهي الأخطر، فقد اتخذ العنف فيها الطابع المؤسسي الممتد داخليا والمحكوم خارجيا من خلال احتضان بريطانيا وأغلب الدول الغربية جماعة “الإخوان” والعناصر الدينية المتطرفة.
وقد شكّلت هزيمة تنظيم “داعش” الإرهابي في سورية والعراق هزّات عنيفة للتنظيمات المتطرفة، بحيث وجدت في القارة السمراء بيئة خصبة ومناسبة للتمدد وفرض السيطرة، وبناء قواعدها ومراكز تدريبها وانطلاقها من جديد، وعملت على استقطاب عناصر جديدة، مستغلة المشكلات التي تغرق فيها العديد من الدول الإفريقية، لا سيما مشكلات عدم الاستقرار السياسي والأمني.
مؤخراً، بدأ الإرهاب في القارة يتخذ وتيرة متسارعة ، مستغلاً ضعف التنمية البشرية والاقتصادية المجتمعية وكذلك ضعف الأجهزة الأمنية ، ما مكّن جماعات الإرهاب والعنف والتطرف، من التحرك بصورة كبيرة داخل عدد من الدول الإفريقية، وأغلب تلك التنظيمات – على غرار تنظيم “بوكو حرام” في نيجيريا – سبقت وأعلنت مبايعتها لـتنظيم “داعش” الإرهابي، ومنها تنظيمات أقدمت على مبايعة تنظيم “القاعدة” الإرهابي مثل “حركة الشباب” الصومالية،إلى درجة أن عام 2020، شهد في الستة أشهر الأولى منه نحو 1168 هجوما إرهابيا، بزيادة بنحو 18 % في عدد العمليات الإرهابية مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019، وفق معهد الدراسات الأمنية بجنوب إفريقيا.
ورغم الجهود المحلية التي تبذلها كل دولة لمكافحة الإرهاب، إلا أن تلك الجهود تبقى مقتصرة على عوامل المواجهة الأمنية من خلال استخدامها القوة العسكرية دون علاج للأسباب الحقيقية الدافعة لنمو الإرهاب وتطوره.