طرابلس-ليبيا-16-11-2021
عمدت مليشيات مسلحة أمس الإثنين في بعض المدن الليبية إلى غلق مكاتب هيئة الانتخابات ومنع العاملين فيها من تسجيل المواطنين وطردهم .
وتأتي هذه الحادثة بعد يوم واحد من تقديم سيف الأسلام القذافي ترشحه للانتخابات الرئيسية وهي الخطوة التي أربكت المليشيات المسلٌحة المحسوبة على تنظيم “الإخوان المسلمين” الذي يسعى إلى تعطيل الانتخابات المقررة ليوم 24 ديسمبر القادم .
وفي تطور لافت،حرض رئيس الحكومة، عبدالحميد الدبيبة، أمس الإثنين، على قانون الانتخابات الليبية، واصفا القانون بـ”المعيب”،خلافا لما صرح به في مؤتمر باريس المعني بليبيا، الجمعة الماضي.
جاء ذلك خلال مشاركته في الفعاليات الطلابية والشبابية بالمدينة الرياضية في طرابلس.
من جهته،دعا سهيل، نجل الصادق الغرياني، المفتي المعزول، بقرار من مجلس النواب الليبي، إلى قفل مراكز الانتخابات..
بدوره بدأ المسؤول بما يسمى”الجماعة الليبية المقاتلة”، المصنفة إرهابية، سامي الساعدي، الترويج لعدد من الفتاوى التي تنهى الليبيين عن المشاركة في الانتخابات المقبلة، بزعم مبررات شرعية.
وزعم الساعدي، وهو عضو بدار إفتاء الإخواني الصادق الغرياني، المُلقب بـ”مفتي الدم” في طرابلس، أن كل من يؤيد قانون الانتخابات الذي صدر عن مجلس النواب ، وقرارات المفوضية الوطنية للانتخابات، التي وصفها بـ”العبثية” من داخل ليبيا أو من خارجها، يساهم في عدم استقرار ليبيا، بحسب تعبيره.
وحرض الداعية الإخواني جميع المدن الليبية على مقاطعة الانتخابات. وفي عدة تدوينات عبر صفحته على فيسبوك، وجه “تحية” لمدينة الزاوية، التي زعم أنها ستقاطع الانتخابات.
ويعتبر المراقبون الجماعة الليبية المقاتلة، بجميع قياداتها من أخطر التنظيمات المتطرفة المسلحة في البلاد. وتأسست الجماعة في عام 1982 على يد علي العشيبي تحت اسم “شباب الجهاد” قبل أن تلاحقها السلطات الليبية، ولكن بعد تدمير حلف شمال الأطلسي الدولة الليبية عام 2011 كان لقيادات “المقاتلة” دور كبير بدعم من أنظمة ومخابرات أجنبية في الاستيلاء مناطق متفرقة في ليبيا.
وعلق المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، على ممارسات الميليشيات المسلحة وتحريض “الإخوان” على غلق مقار مفوضية الانتخابات،قائلا: إنه سلوك ليس جديدًا ولا غريبًا على الميليشيات، فهي معروفة منذ سنوات بممارسة كل أنواع البلطجة من أجل فرض إرادتها على كل مؤسسات الدولة.
واستنكر،في تصريحات لموقع “العين الإخبارية”أمس الإثنين، ما وصفه بـ “صمت” حكومة تصريف الأعمال ورئيسها عبد الحميد الدبيبة الذي كان يؤكد للمجتمع الدولي أن تلك الميليشيات تحت السيطرة وأنه استطاع إدماجها تحت أجهزة حكومته.
وطالب المجتمع الدولي بأن يطبق العقوبات المنصوص عليها على المعرقلين للانتخابات والتي أكد عليها مؤتمر باريس الأخير.
وحول الخطوة التصعيدية المقبلة، قال المرعاش إن هناك تهديدات على مستوى التحكم في مراكز الاقتراع ومنع وضع صناديق الاقتراع فيها بالتنسيق مع بعض عمداء البلديات التابعين لنفوذ أمراء الحرب والميليشيات، على ضوء ترشح خليفة حفتر أو سيف الإسلام القذافي.
وأكد أن هناك ضغوطًا وإرهابًا وتهديدات ستمارسها الميليشيات المسلحة بحق الناخبين الذين سيصوتون لصالح هذين المرشحين في نطاق سيطرتها، مشيرًا إلى أن هذه التهديدات بالعنف ستؤدي إلى عزوف الناخبين عن المشاركة في التصويت خوفا من بطش تلك الميليشيات.
من جهتها،وصفت الإعلامية ريم البركي، المرشحة للانتخابات البرلمانية على مقعد المرأة بالدائرة الثالثة بمدينة بنغازي، تصريحات الدبيبة، التي أعلن خلالها رفض نتائج الانتخابات الليبية المقبلة، بـ “الإنقلاب المتكامل الأركان”.
وقالت في تصريح صحفي، إن الدبيبة “يهدد باستخدام القوة لمنع الشعب الليبي من تحديد مصيره”، مردفة أنه يحاول “شراء كرامة الليبيين، مقابل منحهم حقوقهم الشرعية في الحصول على سكن ملائم”.
وأضافت: إنه يحاول” تخيير الشعب الليبي بين الفوضى والخضوع.
وأشارت البركي، إلى أن الدبيبة “أنهى مسيرته السياسية بطيش وخفة، وسطر اسمه في التاريخ كعدو للشعب الليبي”، مستطردة أن “هذا الرجل يريد إشعال حرب، سيستعين فيها بالميليشيات والقوات التركية في مواجهة أبناء جلدته”، على حد تعبيرها.
وناشدت المجتمع الدولي بـ”الإيفاء بالعهود التي جرى التأكيد عليها في مؤتمر باريس مؤخرًا، وفقًا لخارطة الطريق الليبية ومخرجات مؤتمريّ برلين 1 و 2، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.
من جانبه، قال أستاذ القانون الدولي والمحلل السياسي الليبي، الدكتور محمد الزبيدي، إن جماعة “الإخوان” لا تريد ولا ترغب ولا تتمنى إجراء الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية في موعدها، وتحاول بشكل مكثف تعطيل مسارها، وتأجيلها، وذلك لإدراكها أن حصولها على أي مقاعد في الانتخابات البرلمانية بات أمرا مستحيلا، بالإضافة إلى أن منصب الرئيس سوف يذهب إلى تيار وطني، بعيدا كل البعد عن الجماعة.
وأكد الزبيدي أن هناك ارتباطا وثيقا بين جماعة “الإخوان” والميليشات المسلحة والمرتزقة السوريين، مؤكداً على ضرورة خروج كافة القوات الأجنبية من البلاد.
يذكر أن القوى الدولية التي اجتمعت في مؤتمر باريس 12 نوفمبر الماضي أكدت على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها ومحاسبة المعرقلين.
وشددت الرئاسة الفرنسية على أن من الضروري تحصين العملية الانتخابية، وجعلها “غير قابلة للطعن، ولا عودة عنها وضمان احترام نتيجتها”.
وفي هذا السياق، دعا رئيس مؤسسة سلفيوم للدراسات والأبحاث جمال شلوف، مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياته، والوفاء بوعده في بيانه الصادر 15 يوليو الماضي، والذي نص على “اتخاذه التدابير ضد من يعرقل إجراء الانتقال السلمي والانتخابات المقررة في 24 ديسمبر”.
ويرى شلوف أن من غير الكافي إصدار مؤتمر باريس “قائمة للمعرلقين”، منبها إلى أن تلك الكيانات والأفراد التي تعرقل علنا العملية الانتخابية لن تتأثر بالعقوبات الأميركية الواردة في قانون دعم استقرار ليبيا، والتي تشمل “تجميد الأموال في الحسابات الأمريكية، وعدم منح التأشيرة، وكذلك الأمر بالنسبة للعقوبات الأوروبية”، ولذلك يجب أن يكون هناك تدخل حاسم لمجلس الأمن.