تونس-29-9-2021
كتبت منيرة رزقي بجريدة(الصحافة) مقالا تحت عنوان”من يدفع إلى الفتنة والفوضى؟.. جاء فيه:
لا شك في أن البقرة الحلوب جفّ ضرعها أما التجارة الأشهر فقد كسدت، لذلك من الطبيعي أن تحدث الهبّة وأن يكون الشارع هو الملاذ، أما الدفاع عن الدستور والخوف على الديمقراطية فهي من قبيل الحق الذي يراد من ورائه باطل.
لعل هذا الوصف هو الأدق لتحرك “النهضة” وحلفائها يوم الأحد حيث كانت هذه الحركة هي العنوان الأبرز للوقفة الاحتجاجية التي احتضنها شارع الحبيب بورقيبة بعد أن سبقها تجييش كبير عبر الصفحات الممولة على الفيسبوك.. وبغض الطرف عن كون التظاهر حق مشروع للجميع فإن المبدئية تقتضي الإقرار بأن النهضة كانت ترتهن البلاد ومصيرها بالكامل ولم تكن يوما ديمقراطية لا داخل التنظيم ولا خارجه، فبالنسبة لها كحزب ظل الغنوشي هو الآمر الناهي وصاحب حقوق التأليف الذي مازال يواصل حتى اللحظة تمسكه وكان يدير خيوط اللعبة وكانت بعض النخب المحسوبة على الحركة والتي تتحرك اليوم بأقصى سرعة للحفاظ على مصالحها تعتبره قمة في الذكاء وحسن التدبير السياسي في الوقت الذي كان يحكم قبضته على مفاصل الدولة ويمضي في مشروع التمكين وهو يحتسي قهوته في قاعة العرش وكان المريدون والأتباع يسبّحون بحمده ويعدّدون فضائله.
إذن خروج أنصار “النهضة” وبعض رموزها إلى الشارع في نهاية الأسبوع رفضا للتدابير الاستثنائية التي أقرها رئيس الجمهورية تحيلنا آليا على ما كان يحدث وتجعلنا حتى وإن تخوفنا من تحديد آجال هذا الاستثناء ننحاز إلى هذا المؤقت ونرفض سلوك هؤلاء الذين قادوا البلاد إلى تعفن غير مسبوق يشي بالدوافع الحقيقية التي قادتهم اليوم للخروج للشارع وهي طبعا الغنائم التي كانوا يتقاسمونها في ما بينهم.
كما أن وجودهم في الشارع ورفعهم شعارات معادية للرئيس دون تدخل أمني يجعل سردية الانقلاب تسقط مرة أخرى وتذكرنا بطريقة التعامل مع الاحتجاجات زمن الديمقراطية العرجاء التي أرست النهضة دعائمها بدءً بما حدث في 9 أفريل عندما هاجمت المليشيات المتظاهرين ثم مرورا بالرش الذي واجه به علي العريض أهالي سليانة وانتهاء بما قام به المشيشي مع كل مظاهر الاحتجاج وذروتها تعرية طفل وسحله على مرأى ومسمع من كل الذين يحتجون اليوم خوفا على الديمقراطية ولم يحرّكوا ساكنا.