إثيوبيا: 27-08-2021
شهدت إثيوبيا احتجاجات واسعة في أغلب أقاليمها في العام 2018، بقيادة مكوّنات المجتمع الإثيوبي، لتتمكن فيما بعد، من تغيير المشهد السياسي بإثيوبيا من خلال صعود رئيس الوزراء الحالي آبي أحمد إلى السلطة، والتمكّن من الإطاحة بالائتلاف الحاكم، الذي ظلّ مسيطراً على المشهد السياسي طوال أكثر من عقدين من الزمن.
ومنذ توليه رئاسة الوزراء، استطاع آبي أحمد القيام بجملة إصلاحات داخلية وإقليمية، أهمها إنهاء الخلاف الحدودي مع الجارة إريتريا، والذي نال على إثره جائزة نوبل للسلام، لكن المتغيّرات السياسية المتواترة في الداخل الإثيوبي دفعت بآبي احمد إلى إعلان الحرب على قادة “جبهة تحرير تيغراي الشمالي” في نوفمبر 2020، بعد أن اتهمت السلطات بأديس أبابا الجبهة بضرب قواعد عسكرية للجيش الفيدرالي الإثيوبي في الإقليم الشمالي.
ومنذ بداية اندلاع الحرب بالإقليم الشمالي من البلاد منذ 10 أشهر، تسبّبت الحرب بالجبهة في قُتل آلاف المدنيين، وعدم تمكّن وصول المساعدات الإنسانية لأكثر من 80 % في المائة من السكان الذين يواجهون تزايد انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، فحسب تقارير وكالات الأمم المتحدة فإنّ أكثر من 350 ألفا من سكان تيغراي البالغ عددهم 6 ملايين يعيشون في ظروف مجاعة، من بينهم حوالي 140 ألفا من الأطفال، ونتيجة للصراع الدامي بالإقليم فقد تمّ تسجيل فرار أكثر من مليوني شخص من منازلهم من النازحين.
ولم تنحصر آثار الحرب على الإقليم الشمالي فقط، فبعد إعلان إقليم أمهرة الإقليم المحاذي لتيغراي من جهة الجنوب، التعبئة العامة الفورية لمعاضدة مقاتلي إقليم تيغراي في الحرب ضدّ الجيش الفيدرالي تعمّقت الأزمة أكثر خصوصا بعد استعادة مقاتلي تيغراي عاصمة الإقليم ميكلي من الجيش الإثيوبي..
نزوح الآلاف من إقليم أمهرة
أفادت لجنة تنسيق الوقاية من الكوارث والأمن الغذائي، أنه تمّ تسجيل نزوح نحو نصف مليون شخص في ولاية أمهرا.
وصرّح رئيس اللجنة، زلالم ليجالم، أنّ “الحرب التي تشنّها الجماعة الإرهابية في ولاية أمهرا تعرّض السكان لأزمات اجتماعية واقتصادية مختلفة بما في ذلك النزوح، ومع ذلك، نعمل على مواجهة تحديات النازحين من خلال تشكيل لجنة في مدينتي ديسي وجوندار”.
وأوضح ليجالم، أنّ اللجنة تقوم بتوزيع أكثر من 30 ألف قنطار من المواد الغذائية على النازحين، من المساعدات الغذائية التي تتلقاها من الحكومات الإقليمية والفيدرالية.
وكشفت الحكومة الإثيوبية، أمس الخميس 26 أغسطس، عن ارتكاب الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي جرائم فظيعة في منطقتي عفار والأمهرة.
ونشر مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي عبر موقع “تويتر” تغريدات عدّد فيها جرائم تيغراي، بقوله: “قامت تيغراي بعمليات نهب واسعة النطاق وقتلت مدنيين ودمرت ممتلكات في منطقتي عفار والأمهرة، وسرقت المعدات الطبية ودمرت المرافق الطبية والمستشفيات”.
ويفيد تقرير برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إلى أنّ الحرب في تيغراي قد أسفرت عن خسائر بشرية هائلة وتسبّبت بأزمة إنسانية مروّعة.
انتهاكات لحقوق الإنسان
من جانبه، حذّر صندوق الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، في يوليو الماضي، من أنّ 100 ألف طفل يواجهون خطراً على حياتهم من سوء التغذية الحاد الوخيم خلال العام المقبل.
وفي رسالته إلى مجلس الأمن، قال الأمين العام للأمم المتحدة: “لقد تمّ تدمير مخيمات للاجئين وتدمير أنظمة الرعاية الصحية، حيث تعرضت المستشفيات والعيادات للهجوم والنهب، وتفاقم هذا كله بسبب انقطاع الكهرباء والاتصالات”.
ودعا الأمين العام إلى التحقيق في الاتهامات المتداولة حول الانتهاكات الإنسانية الخطيرة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان والتي يقال أنّها ارتُكبت من قبل جميع أطراف النزاع.
كما يشار إلى أنّ تحقيقاً مشتركاً يُختتم بين مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان واللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان.
الصراع على السلطة منبع الأزمة
يوعز المراقبون، أنّ أزمة تيغراي هي انعكاس لأزمة إدارة توزيع السلطة عبر التاريخ السياسي للدولة الإثيوبية، نظرا لعمليّة الإقصاء التي قام بها آبي أحمد ضدّ المشاركين السياسيين عن إقليم تيغراي من خلال إعفاء الأسماء السياسية من منطلق القطع مع السلطات التي استحوذت على مقاليد السلطة بالبلاد لما يقارب الثلاث عقود.
ومع تواصل الحرب بالإقليم وامتدادها الى عدد من الأقاليم المجاورة يواجه آبي احمد تحديات جسام في ضرورة الإسراع بإنهاء الحرب القائمة بالإقليم الشمالي للبلاد.