الجمعة. مارس 29th, 2024

اسلام النفزي-23-8-2021

زيّنت صورته جدار مكاتب مؤسسة ‘اميلكار كابرال’ التذكارية في منطقة الرأس الأخضر(جمهورية كابو فيردي )، كما زُيّن نضاله التاريخ الإفريقي الحديث، لوحة رُسمت كأبسط تكريم لزعيم قاهر للقمع والطغيان ومحارب للاستعمار في القارة السمراء.

هو من مواليد 19سبتمبر عام 1924 بغينيا البرتغالية وأُغتيل في سن 48سنة.


تعدّدت التسميات بتعدد الوظائف فقد عُرف كمهندس زراعي، منظر، ثوري، منظم سياسي، قومي، دبلوماسي وكاتب.
أتم الزعيم أميلكار المرحلة الثانوية من دراسته بالمدرسة الايطالية في مدينة منديلو في الرأس الأخضر وزاول التكوين الأكاديمي في المعهد العالي للزراعة في لشبونة عاصمة البرتغال أين أسّس أحد الطلاب حركات طلابية مُكرّسة لمعارضة دكتاتورية الحكم في البرتغال معززة لقضية الاستقلال للمستعمرات البرتغالية في إفريقيا.

‘كابرال’ هو مؤسس الحزب الافريقي من أجل استقلال غينيا والرأس الأخضر و أحد مؤسسي الحركة الشعبية من أجل تحرير أنكولا فكان له إسهام وحضور فارق في المشهد السياسي في بلاده.

حرص كابرال على المساهمة الفكرية حول الثقافة الوطنية والتشكيل الاجتماعي علاوة على مراجعة مفاهيم الصراع الطبقي وإمتاز بإتباعه لسياسة اجتماعية تقوم على التجميع لا التفريق فحاول خلال مسيرته النضالية معالجة الانقسام والجمع بين مختلف العناصر العرقية والقبلية معززا روح التحديث في مجتمعه.

قاد الحزب الإفريقي منذ 1963 إلى حين إغتياله وناضل خلال قيادته الحكومة البرتغالية من أجل تحقيق الاستقلال لكل من غينيا والرأس الأخضر وكانت من أنجح حروب الاستقلال على مر التاريخ الإفريقي الحديث.

كان كابرال قائدا حربيا مغوارا فطنا سابقا لعصره فقد أقام معسكرات تدريب في غانا ودرب مساعديه من خلال تقنيات مختلفة تشمل المحادثات الوهمية لتزويدهم بمهارات تحافظ على فاعليتها على المدى البعيد.

وباعتباره كان مهندسا زراعيا، قام بتعليم المزارعين المحليين تقنيات زراعية أفضل، حتى يتمكنوا من زيادة الإنتاجية والقدرة على إطعام أسرهم وقبائلهم.

وهكذا يتأكد إهتمامه وإنشغاله الكبير بأهل بلده وحضوره الفارق في حياة المستضعفين، كما أقام نظام سوق التجارة والمقايضة الذي إنتشر في جميع أنحاء البلاد وجعل السلع المتاحة في الأرياف أقل سعرا من تلك المتوفرة في المتاجر الاستعمارية.

وفي ذات السياق أنشأ خلال الحرب مستشفى متنقل ومحطة فرز لإعطاء الرعاية الطبية للجنود المصابين من الحزب الإفريقي ورعاية نوعية الحياة إلى أكبر عدد من السكان.

إضافة إلى مواقفه التي إتّسمت غالبا بنصرة الحق فقد صرح في إطار احتلال العدوان الإسرائيلي على فلسطين “نحن نؤمن أن فلسطين من حق الفلسطينيين ونؤمن أيضا بأن أية معايير يقوم بأخذها العرب والأمة العربية لتحرير فلسطين مبررة”.
وهكذا ظلّ أميلكار كابرال حيا خالدا في تاريخ العدالة و النزاهة.

كان أميلكار كابرال أيضا “مدافعاً عن العبيد” من أجل تحرير شعبه وشعوب أفريقيا من نير الظلم والهيمنة الاستعمارية .
وضحّى بحياته دفاعاً عن هذه القضية المقدسة والخالدة .

كان كابرال بالتأكيد رجل أفعال، غير أنه كان أيضاً مفكراً سياسياً مُهِماً ومبتكراً أسهم إسهاما بارزا في الإضافة إلى إيديولوجيات مناهضة الإمبريالية والاشتراكية والبان آفريكانيزم والوطنية الثورية.

وقد كان المنظر السياسي الأبرز بين القادة الناطقين بالبرتغالية حتى اغتياله في عام 1973.

ويشتهر أميلكار كابرال بإصراره على النهج الملموس للمشاكل الملموسة، بدلا من التطبيق الدوغمائي للصيغ العقائدية، لم يكن بأي حال من الأحوال ضد الأيديولوجية، لكنه كان مصرا على أنه لا يمكن ببساطة نقل مجموعة من المبادئ الثورية بالجملة من حالة إلى أخرى.

من أشهر مقولاته، ” لست مدافعا كبيرا عن القتال المسلح. أنا شخصياً واع جداً بالتضحيات التي يتطلبها القتال المسلح. إنه عنف ضد حتى شعبنا. لكنه ليس من اختراعنا – إنه ليس قرارنا الوقح. إنه مطلب التاريخ. هذه ليست المعركة الأولى في بلدنا، وليس كابرال هو من اخترع النضال. نحن نتبع مثال أجدادنا الذين قاتلوا ضد الهيمنة البرتغالية منذ 50 عامًا. إن قتال اليوم هو استمرار للنضال من أجل الدفاع عن كرامتنا، وحقنا في الحصول على هوية – هويتنا الخاصة”.