الخميس. ديسمبر 26th, 2024

انجامينا-تشاد-22 أبريل 2021


لم يستوعب الكثير من التشاديين الرحيل السريع للرئيس دبي الذي قضى نحبه في المعارك الأخيرة مع الحركات المسلحة القادمة من الشمال، فبالرغم من أن الغالبية العظمى من التشاديين تدرك أن الرجل اعتاد على المشاركة في المعارك إلا أنهم لم يتوقعوا رحيله بهذه السهولة.. فماذا حدث و كيف قتل الرئيس؟ أخطاء أم تهاون؟

أشارت حركة “فاكت” في بيان لها الإثنين 19 أبريل إلى أن هناك أخطاء جعلت مقاتليها يتراجعون إلى الخلف، وفي نفس اليوم أظهر التلفزيون التشادي في النشرة الإخبارية الرئيسية مجموعة من الأسرى والعتاد وقعوا تحت سيطرة القوات المسلحة جراء مواجهات دامية يومي 18 و19 ضد الحركة الأمر الذي هدأ من روع سكان العاصمة ومن رعب أشبه بالليلة التي سبقت أحداث الثاني من فبراير 2008 بعد الأخبار الكثيرة التي أكدت تقدم المسلحين نحو العاصمة. واعتقد الكثيرون أن الأمور قد حسمت آنذاك

ولتأكيد أن الأمور تحت السيطرة بصورة كاملة من قبل الحكومة، أعلنت اللجنة الوطنية المستقلة نتائج الانتخابات في 19 أبريل برغم أنه كان من المقرر إعلانها يوم 25 أبريل، وتجمع العديد من أنصار الرئيس الراحل في ساحة الحرية للاحتفال بهذا الفوز الذي حقق فيه نسبة 79% من الأصوات، وفي العادة كان الرجل يشارك أنصاره الاحتفالات لكن لم يتساءل أحد عن سر غيابه.

حسب مصادر مطلعة، ما حدث في المعركة الأخيرة بين الطرفين والتي دارت صباح الإثنين بإقليم كانم بالقرب من مدينة “نوكو” والتي كانت شرسة للغاية كما تشير هذه المصادر، أن القوات الحكومية مكونة من ثلاث كتائب أو مجموعات كلها من قوة “الإدارة العامة لحماية مؤسسات الدولة” والتي يقودها نجل الرئيس الراحل محمد كاكا بنفسه، وهي القوة الرادعة والمجهزة بالعدة والعتاد الكامل مقارنة مع بقية القوات النظامية، بما في ذلك الأسلحة الثقيلة والتدريب الكافي، وتسيطر عشيرة الرئيس الراحل على كامل مفاصل هذه القوة وهي صمام الأمان التي كان يعتمد عليها.

كان الرئيس في المجموعة التي توجد في الخلف “المؤخرة” خلال معركة مساء الأحد وصباح الإثنين، بينما يقود نجله قوة أخرى تطارد المجموعة الأكثر عدداً لحركة “فاكت”والتي بدأت الإنسحاب نظرا لوقوع قوة أخرى منهم تحمل المؤن والوقود “الدعم اللوجستي” في كمين لقوة يقودها الجنرال طاهر إردا، وهذا ما يؤكد حديث الأخير الذي يتداول في الوسائط بقوله “طقطقناهم” وهم من ظهروا كأسرى في التقرير المصور على التلفزيون الوطني، بينما يؤكد مهدي زعيم الجبهة”فاكت” في مقابلته مع إذاعة فرنسا الدولية أن هؤلاء سقطوا في معركة يوم 17أبريل.

على ما يبدو أن قوات “الصقر” أو قوة برخان الفرنسية لم تتدخل في بادئ الأمر لوجستيا بأن تعطي قوات الرئيس دبي عبر الأقمار الصناعية إحداثيات على الأرض كما فعلت في فبراير 2019 عندما رصدت مجموعات كان يقودها تيمان إرديمي حيث أوشكت على الوصول إلى مدينة أم جرس لولا الضربة الفرنسية

مهدي محمد نفسه تمركز على مقربة من القوة التي فيها الرئيس دبي، ولم يدرك أي منهم بأنه على مسافة قصيرة من عدوه، في هذه الأثناء كان نجل الرئيس كاكا على بعد 30 كيلو مترا شمال مكان والده ..


في هذه الأثناء اشتبكت القوة التي فيها الرئيس مع تلك التي فيها مهدي وتبين للأخير من خلال الآليات المصفحة والتجهيزات النوعية وجود الرئيس دبي في هذه المجموعة فاشتد التصميم والاشتباك من الطرفين عندما تأكد لدبي نفسه بأنه يواجه قوة فيها غريمه مهدي محمد، بينما كان نجل الرئيس مع قوته.

وبعد اتصالات فورية، عاد أدراجه مع قوته لدعم والده، وبالفعل وصلوا في أثناء الاشتباكات وكان الهم الأول إجلاء الرئيس وإخراجه من أرض المعركة، وبالمقابل مجموعة مهدي أيضا تريد الانسحاب بعد أن تبين لها أن إمدادا وصل إلى الطرف المقابل، ومن طبيعة المعارك الحربية في حال الإنسحاب تكثيف إطلاق النار فاشتدت قوة النيران بين الجانبين، وهنا حدثت المفاجأة غير المتوقعة حيث انغمست إطارات المصفحة التي تقل الرئيس في رمال الصحراء في أثناء الإنسحاب أو الإجلاء، مما أربك القوة التي معه واجتمعت حوله بغية نقله إلى مصفحة أخرى وفي أثناء خروجه من المركبة أصابته قذيفة قاتلة من طرف “الثوار” فسقط مضرجاً بدمائه.

هنا جرت الاتصالات سريعة ربما مع القوات الفرنسية التي حلقت طائراتها في أجواء المعركة الجو مما أربك قوات الأمر الذي أربك قوات الجبهة وجعلها تنسحب مسرعة، وتم إجلاء الرئيس على جناح السرعة عبر طائرة عمودية وكان قد فارق الحياة قبل هبوطها بالعاصمة.. هنا تصرف المحيطون به بحكمة، وتكتم الجميع عن الأمر حتى ترتيب الأوضاع وتكوين المجلس العسكري.