تونس-صبرين عجرودي-10-2-2021
في ظل السعي إلى تأمين المصالح وإعادة تشكيل خارطة النفوذ بين الأمم ، تحوّل مشروع أنبوب الغاز االنيجيري إلى نقطة صراع بين المغرب والجزائر ، حيث يسعى كلا البلدين إلى أن تكون أراضيه معبرا لهذا الأنبوب نحو أوروبا.
على خلفية عودة التحرك المغربي لتحقيق مشروع أنبوب الغاز ، سارت الجزائر على نفس الخطى لتعيد إحياء المشروع منافسة لنظيرها المغربي.
تعود اتفاقية الغاز بين الرباط وأبوجا إلى نحو خمس سنوات ، وتشرف عليه الشركة البترولية النيجيرية والمكتب المغربي للهيدروكاربورات والمعادن.
ويمتد المشروع على نحو 5660 كلم ، ووفقا للمعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية بالمغرب تُقدر كلفته بين 23 و 28 مليار دولار ، كما سيغطي 12 دولة من غرب إفريقيا بحيث سيكون لها نصيب من الغاز قبل وصوله إلى الدول الأوروبية.
وأشارت المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات و المعادن، أمينة بن خضرة، خلال الدورة الثانية لمنتدى الأعمال المغربي – النيجيري المنعقد بالرباط في نوفمبر الماضي ، إلى أن المشروع سيفضي إلى ناتج إجمالي داخلي بقيمة 670 مليار دولار .
ويُرجح خبراء أن المشروع قد يعزز الصناعات الإقليمية ، كما سيُساهم في خلق أقطاب و قطاعات صناعية ، وسيشجع على بروز التنافس بين الصادارات الإفريقية .
و ينضم هذا المشروع إلى قائمة التحولات السياسية الجديدة للمغرب الذي استعاد عضويته في الإتحاد الإفريقي ويسعى إلى الإنضمام إلى الإكواس ، أي تعزيز مبادراته الخارجية .
كما يُبرز هذا الجانب تمدد العلاقات المغربية نحو بلدان الغرب الإفريقي ، بحيث تتركز مساعي الرباط على بناء قوتها إقليميا وتعزيز اقتصادها في المنطقة ، وتحقيقا أيضا لمصلحة نيجيريا في وصولها ليس إلى أوروبا فقط ، بل وكذلك إلى خلق حركية اقتصادية مع بلدان الغرب الإفريقي .
وفي مكالمة العاهل المغربي محمد السادس مع الرئيس النيجيري، أشار الديوان الملكي المغربي إلى عزم الطرفين على القيام بمشاريع استراتيجية من بينها مشروع أنبوب الغاز .
وسيلعب هذا التمدد الخارجي للمغرب دوره في تحييد موقف نيجيريا إزاء قضية الصحراء الغربية.
من جهة أخرى ، توضح الدراسات أن طول الأنبوب المفترض بين نيجيريا والجزائر يبلغ حولي 4128 كلم من بينها 2310 داخل الجزائر ، ووفقا لاتفاقية عام 2003 الموقعة بين الجزائر ونيجيريا ، يهدف المشروع إلى نقل 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويا نحو أوروبا،علما أن أغلب كمية الغاز من نيجيريا ستُنقل إلى أوروبا ، لأن الموقع الإستراتيجي للجزائر لن يُحتّم عبور الغاز عبر عديد الدول ، و ذلك على عكس المغرب.
ويبدو أن الجزائر لا تنظر بعين الرضا إلى التمدد المغربي الذي ستكون له تداعيات سياسية أكثر منها اقتصادية ، تتصدرها قضية الصحراء الغربية .
وكان وزير الطاقة الجزائري قد صرح بأن الأهداف التي يرمي إليها المغرب أساسها سياسي ويفتقد الجدوى الإقتصادية ، خاصة أن الغاز سيمر عبر عديد الدول الغربية التي تفتقده ، وبالتالي ستصل كمية قليلة منه إلى الدول الأوروبية ، في حين أن مشروع الغاز بين نيجيريا والجزائر سيكون أكثر سلاسة.
وترى الخبيرة الدولية في شؤون الطاقة في بالمؤسسة الألمانية للسياسة والعلوم في برلين، أن المشروع المغربي النيجيري لن يصمد أمام عجز بعض الدول الإفريقية عن تسديد ثمن الأقساط التي تستهلكها من الغاز ، وبالتالي فإن هذا المشروع لن تكون له نجاعة اقتصادية بقدر فوائده الجيوسياسية .
وقد وقعت الجزائر عام 2009 اتفاقية مع ابوجا بخصوص مشروع الغاز ، إلا أن الظروف الأمنية في شمال نيجيريا حالت دون ذلك خاصة مع تمدد الجماعات الإرهابية في النيجر وتهديد أمن المنطقة واستقرارها وبالتالي تعطيل المشاريع الإقتصادية .
وظّف المغرب الظروف الأمنية بالنيجر كنقطة لصالحه،معتبرا أن هذا المشروع سيكلّل بالفشل ، في حين أن الجزائر أشارت إلى النزاع المغاربي حول منطقة الصحراء الغربية التي ستمثل إشكالية هامة بالنسبة لعبور الغاز ، فضلا عن أنها مجال مفتوح للنزاعات بين المغرب والبوليساريو.