جوبا-جنوب السودان-08-01-2021
طالب وزير الخارجية السوداني المكلف عمر قمر، بترسيم الحدود مع إثيوبيا بعد أن بسط الجيش السوداني سيطرته على كافة الأراضي السودانية.
جاءت هذه المطالبة على خلفية اللقاء الذي جمع رئيس دولة جنوب السودان الفريق أول سلفاكير ميارديت، مع الفريق أول ركن شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة الإنتقالي بحضور وزير الخارجية المكلف عمر قمر الدين، والمستشار توت قلواك مستشار الرئيس سلفاكير للشؤون الأمنية في القصر الرئاسي بجوبا،أمس الخميس.
وبحسب وكالة الأنباء السودانية، أكد الجانب السوداني للقيادة في جنوب السودان، على أن الجيش السوداني “بسط سيطرته على أراضيه”، مشيرا إلى أن “تخطيط الحدود بين البلدين يمثل حلا ناجعا لكل المشاكل” على حد تعبيره.
من جهته،قال عضو لجنة الحدود المشتركة من الجانب الإثيوبي، السفير إبراهيم إندريس، إن السودان انتهك الإتفاقية التي تم توقيعها عام 1972 لإيجاد حل ودي لقضايا الحدود.
وبحسب وكالة الأنباء الإثيوبية، أوضح إندريس أن “الإتفاقية الموقعة عام 1972 تدعو إلى استمرار الوضع على الأرض حتى يتوصل البلدان إلى حل ودي لمسألة الحدود”.
وكان رئيس المجلس الإنتقالي السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قد أطلع وزير الخزانة الأمريكية ستيفن منوشين، يوم الأربعاء الماضي، على موقف البلاد من التوترات الحدودية مع إثيوبيا.
وأوضح أن “ما قام به الجيش السوداني يعد إعادة انتشار داخل الحدود، مؤكدا حرص السودان على معالجة الخلافات بالتفاوض والحوار”.
وشهدا الحدود بين البلدين مؤخرا تصعيد الأخير بعد سلسلة من الهجمات التي كانت تستهدف خلال السنوات الماضية أراضي مزارعين سودانيين على الشريط الحدودي مع بداية موسم الأمطار، لكنها لم تكن ترقى إلى مستوى تحركات عسكرية أوسع كما حدث مؤخرا.
ويشار إلى ان تاريخ الأزمات في حدود البلدين، التي تمتد لأكثر من 725 كيلومترا، يعود إلى نحو 130 عاما، ففي العام 1891حين أعلن الامبراطور الإثيوبي منيليك الثاني أن حدود بلاده تمتد إلى الخرطوم عاصمة السودان الحالية وحتى القضارف في شرق السودان، لكن محاولته تلك انتهت بالاكتفاء بمنطقة بني شنقول الغنية بالمعادن والذهب.
وخلال الحقب التي أعقبت فترة حكم منيليك حدثت العديد من المتغيرات الجيوسياسية في المنطقة والتي تخللتها نزاعات باردة كانت تجري بين القبائل على جانبي الحدود دون أي تدخل من الحكومات المركزية، وذلك بسبب التداخلات السكانية والجغرافية.
وحدث اختراق كبير في العام 1902، عندما تم تخطيط الحدود بين البلدين لكن على أساس النفوذ الاستعماري في السودان آنذاك.
واستمر الحال على هذا المنوال حتى العام 2002 عندما عقدت لجنة مشتركة لترسيم الحدود اجتماعات متتالية توصلت إلى إطار نظري بالاعتماد على خرائط للحدود المُتعارف عليها، لكن عمل اللجنة لم يكتمل من حيث الترسيم الفعلي على الأرض.
ونشبت الأزمة الأخيرة عام 2020، في ظل ظروف جيوسياسية مختلفة حيث تزامنت مع دخول أكثر من 50 ألف لاجئ إثيوبي إلى الأراضي السودانية بسبب الحرب التي اندلعت في إقليم تيغراي بين الجيش الإثيوبي ومقاتلي جبهة تحرير شعب التيغراي التي تطالب بانفصال الإقليم، وسط اتهامات إثيوبية بدخول عدد من المسلحين إلى الأراضي السودانية، كما تأتي في ظل تباعد واضح في المواقف بشأن مفاوضات سد النهضة الأثيوبي.
وتأتي أزمة ترسيم الحدود في وقت تصعب فيه مفاوضات ملء وتشغيل سد النهضة الذي يواجه عديد من العقبات السياسية والفنية، أخطرها حالة التلاسن غير المباشر بين القاهرة وأديس أبابا، و فقد حمّل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد “جهات لم يحددها” مسؤولية إشعال الأوضاع على الحدود السودانية الإثيوبية المشتركة خلال المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وعصابات الشفتة المدعومة من الجيش الأثيوبي في شهر ديسمبر.
وقالت مصادر أنّ حالة الانقسام المسيطرة على مكونات الحكم في السودان تؤدي دوراً كبيراً في عدم استقرار الخرطوم على موقف محدد مع مصر أو إثيوبيا في مقاربة الأزمة الحدودية.