واشنطن-الولايات المتحدة-07-01-2020
في مشهد يعري “الديمقراطية الأمريكية” التي طالما حاولت أمريكا فرضها على العالم تارة بالضغط المالي وتارة بالتدخل في شؤون البلدان الأخرى عبر الإغتيالات السياسية وتدبير الإنقلابات والتدخل العسكري في كثير من بلدان العالم ،ما تسبب في قتل مئات الآلاف من البشر وتدمير هائل، سواء في أمريكا الوسطى والجنوبية أو في منطقة الشرق الأوسط وقبل ذلك في جنوب شرقي آسيا.. وفي أسوإ اعتداء على رمز هذه الديمقراطية منذ أكثر من 200 عام، اقتحم محتجون من أنصار ترامب الحواجز الأمنية المعدنية وحطموا النوافذ وتسلقوا الأسوار ليشقوا طريقهم إلى داخل مبنى الكونغرس، حيث تجولوا في الممرات واشتبكوا مع الشرطة.
وقالت الشرطة إن أربعة أشخاص لقوا حتفهم خلال الفوضى، منهم امرأة بعيار ناري وثلاثة أشخاص بسبب طوارئ طبية.
وحاصر البعض قاعة مجلس النواب بينما كان الأعضاء بالداخل، وأخذوا يطرقون على أبوابها. وكدس ضباط الأمن قطع الأثاث خلف الباب وأشهروا أسلحتهم قبل أن يساعدوا الأعضاء على الخروج.
وكان ترامب دعا أنصاره إلى التظاهر ضد جلسة تصديق الكونغرس على فوز الرئيس المنتخب جو بايدن، فاستجاب الآلاف منهم لكن الأحداث تطورت إلى اقتحام مبنى الكابيتول، وحدوث أعمال شغب.
وقد هزّت هذه الأحداث المجتمع الأمريكي الذي وقع تحت صدمة كبيرة بسبب عقلية”تاجر متغطرس”حسب وصف عديد المعلقين في محاولة قال كثيرون إنها محاولة “انقلابية” ولخلق “انقسام خطير”داخل المجتمع،في أسلوب لم تشهده حتى في عديد الأنظمة التي كانت تصفها أمريكا بـ”القمعية”.. فبيْن “سياسات مسمومة” و”جمهورية الموز” و”ليس مفاجئا”، جاءت تعليقات ثىثة رؤساء سابقين للولايات المتحدة على اقتحام أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب مبنى الكونغرس..
وفي تعليقه على الأحداث، اعتبر الرئيس الديمقراطي الأسبق، بيل كلينتون، أن ما حصل هو”اعتداء غير مسبوق” على المؤسسات الأمريكية.
وقال كلينتون في بيان: “لقد واجهنا اليوم اعتداءً غير مسبوق على الكابيتول وعلى دستورنا وعلى بلدنا”.
وأوضح أن هذا الهجوم غذته “أربع سنوات من السياسات المسمومة والتضليل المتعمد”.
وأضاف أن “الفتيل أشعله دونالد ترامب وأشد الداعمين له حماسة، وكثيرون منهم في الكونغرس، بهدف إلغاء نتائج الإنتخابات التي خسرها”.
بدوره، شن الرئيس الجمهوري الأسبق، جورج دبليو بوش، هجوما عنيفا على القادة الجمهوريين الذين أججوا حالة “التمرد” التي شهدها مبنى الكابيتول أمس الأربعاء والتي قال إنها تليق بـ”جمهوريات الموز وليس بجمهوريتنا الديمقراطية”.
وقال بوش في بيان: “لقد هالني السلوك غير المسؤول لبعض القادة السياسيين منذ الإنتخابات وقلة الإحترام التي ظهرت اليوم تجاه مؤسساتنا وتقاليدنا وقواتنا الأمنية”.
من جهته، قال الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، إن اقتحام أنصار ترامب لمقر الكونغرس “ليس مفاجئا”.
وأضاف، في بيان، أن أعمال العنف التي شهدها مبنى الكابيتول عندما اقتحمه أنصار دونالد ترامب “مخزية” لكنها ليست “مفاجئة”.
وتابع: “التاريخ سيتذكر أعمال العنف التي حصلت اليوم في الكابيتول، بتحريض من رئيس كذب بلا هوادة بشأن نتيجة الإنتخابات، باعتبارها لحظة خزي وعار على بلدنا”.
وألقى باللوم على قادة الحزب الجمهوري ووسائل الإعلام الموالية لهم لأنهم “غالبا ما كانوا غير راغبين في إخبار أتباعهم بحقيقة أن بايدن حقق فوزا كبيرا في الإنتخابات التي جرت في الثالث من نوفمبر والتي ما زال ترامب يرفض الإقرار بهزيمته فيها”.
أما الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن فقال مساء أمس الأربعاء، إن الديمقراطية الأميركية تتعرض لهجوم غير مسبوق.وأضاف أن المشاهد في مبنى الكونغرس الأمريكي تصل إلى حد التحريض وينبغي أن تتوقف فورا داعيا الرئيس ترامب إلى الظهور على الهواء مباشرة والمطالبة بإنهاء حصار الكونغرس.
من جانبه، قال مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي، متحدثا عن المحتجين الذين استجابوا لدعوة ترامب إلى الإحتجاج على خسارته انتخابات الرئاسة: “أنتم لم تفوزوا.. العنف لا يفوز أبدا”.
وكشفت وسائل إعلام أمريكية أن “بنس هو من أمر بنشر الحرس الوطني في العاصمة واشنطن لاحتواء العنف وليس الرئيس ترامب”.
في هذه الأثناء،واحتجاجا على تحريض الرئيس المنتهية ولايته، قدم ماثيو بوتينغر نائب مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي استقالته من منصبه على خلفية الهجوم على مبنى الكونغرس.
وقبيل ذلك، أعلنت كبيرة موظفي زوجة الرئيس ترامب ستيفاني جريشام استقالتها، واتخذت الخطوة نفسها نائبة السكرتير الصحفي سارة ماثيوز، ومسؤولة العلاقات الإجتماعية بالبيت الأبيض، فيما رجحت مصادر أن يتقدم مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين باستقالته أيضا.
وكشفت وسائل إعلام أمريكية، أن وزراء في إدارة الرئيس دونالد ترامب يبحثون تفعيل مادة بالدستور لعزله على خلفية أحداث الكونغرس.