تونس 30-12-2020
اعداد : الدكتورة بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الامنية و العسكرية
القارة السمراء الخزان للثروات و الضامنة لتأمين مستقبل الدول والقوى العظمى و خاصة الولايات المتحدة الامريكية التي ترى في القارة السمراء متنفسها و محل نفوذها و بسط هيمنتها منذ نهاية الحرب الباردة.
وتسعى الولايات المتحدة من خلال إستراتيجيتها للهيمنة على القارة الافريقية الى تحقيق العديد من الاهداف من اهمها السيطرة على الموارد الهيدروكربونية والمعدنية والباطنية و الطاقية و البشرية الموجودة في إفريقيا باعتبارها تمثل المستقبل العالمي.
فمختلف الدراسات التي اعتمدتها ادارة البيت الأبيض تثبت أن إفريقيا في القرن القادم لن تبقى إفريقيا الفقيرة المستعمرة في ظل وجود عدة دول استطاعت أن تحقق نسب عالية من النمو كالعملاق النيجري(10%) وإثيوبيا الصاعدة بنسبة7%.
كذلك تسعى الولايات المتحدة الامريكية للحدّ من التمدد الصيني الذي أصبح أكبر مشكلة و أكبر منافس لها في إفريقيا، و كما تسعى الى تقزيم الدور العربي في الدول الافريقية و الايحاء بأن العرب و الاسلام هم سبب الجهل و التخلف الحاصل في بلدانهم، و خاصة تجارة العبيد كما حصل في ليبيا في السنوات الاخيرة مع أن تجارة العبيد مزدهرة جدا في البلدان الافريقية و أهمها توجد في دولة السينغال و دولة البينين.
و من خلال كل هذه المعطيات و غيرها تعرض الولايات المتحدة الامريكية الحلول على هذه الدول الفقيرة و بالتالي لا حلّ لهذه الدول الفقيرة و التي تعاني من الارهاب و التطرف الاّ الفكر و القيم الامريكية و خاصة المساعدات الامريكية للتنمية.
فما هي حقيقة الاستراتيجية الامريكية في تعاملها مع القارة الافريقية؟
كيف تضمن الولايات المتحدة الأمريكية تموقعها و أهدافها الاستراتيجية في افريقيا في ظل تنافس القوى الكبرى عليها ؟
كيف تتعامل الولايات المتحدة الامريكية مع القوى الدولية المنافسة لها داخل القارة الافريقية؟
1- الاستراتيجية التي تتعامل بها الولايات المتحدة الامريكية مع القارة الافريقية
الولايات المتحدة الامريكية لا تغير في استراتيجيتها العامة في التعامل مع الدول سواء الصديقة أو العدوة و انما الاختلاف يكون في بعض التفاصيل و الذي في الاصل يصب في خانة المصالح الامريكية.
و تعتمد في استراتيجيتها على مبدأ البراغماتية و التدخل المباشر، والقارة الافريقية تعتبر هدفا مباشرا، باعتبارها القارة الاغنى في العالم بمواردها الطاقية و الطبيعية و البشرية و الافقر في العالم من حيث التنمية، فهي في مرمى الأطماع الاوربية و الدولية و خاصة في مرمى الولايات المتحدة الامريكية.
فبعد تفكيك المعسكر الشرقي و سقوط الاتحاد السوفياتي اتجهت الادارة الامريكية الى افريقيا باعتبارها قارة المستقبل و “مغارة علي بابا” التي يجب أن تستثمر فيها و هي تحاول أن تلعب لعبة المحاور فيها، و ذلك من خلال بناء قوة لمحور مهم جدا و هو محور أثيوبيا الصومال ارتريا و جيبوتي، كذلك المحور الثاني و الذي يظم 12 دولة افريقية و الذي يظم جنوب افريقيا، دول الغرب الافريقي و دول شمال افريقيا و دول الساحل و الصحراء، كل هذه الدول داخل المرمى الاستراتجي للولايات المتحدة الأمريكية.
هناك ثلاثة عناصر حسب صناع القرار الامريكي تمكنهم من الهيمنة على افريقيا بل و التربع على عرش افريقيا ككل، هذه القارة هي المستقبل هي خزان الموارد الطبيعية و الطاقية، باختلاف أنواعها و النقطة الأهم قابلية هذه الشعوب للعيش تحت الاستعمار و تبديل استعمار بآخر.
2- تعامل الولايات المتحدة الامريكية سياسيا و عسكريا مع الدول الافريقية
الولايات المتحدة الامريكية تعتبر أن كل أنظمة العالم يجب أن تخضع لها و تمثل سلطتها و تابعة لها، هذا لا يكون إلا عبر رؤساء و مسؤولين تابعين لها و محافظين على مصالحها، داخل دولهم فهي تعتمد سياسة اسقاط رأس الهرم على الشعوب فهم ممثلين لها و لسياستها.
كذلك تستعمل في سياستها ابنتها المدللة في السيطرة اسرائيل لتثبيت سياستها و هذا واضح في القرن الافريقي و اثيوبيا من دولة تحت خط الفقر الى دولة متقدمة و صاحبة المشاريع العملاقة و الكبرى و الفضل يرجع للاستثمارات الاسرائلية بها و بالتالي التضييق على جيرانها و الضغط عليهم و التحكم في نهر النيل الذي يعتبر منبع حياة أكبر الدول العربية مصر و السودان.
العامل الثاني المفيد جدا للسيطرة على الدول و خاصة ارغامها للخضوع و التعامل معها بل و أكثر ادخالها عسكريا و استخباراتيا، هو محاربة الارهاب و تعتمد على سياسة “رمي الثعبان في البيت و بعدها الدخول لإعانة أهل البيت لقتله و منها احتلال البيت و أهل البيت” و هذه الإستراتيجية الامريكية لمحاربة الارهاب، و بالتالي نشر التوتر و الارهاب و في نفس الوقت محاربته، و خير مثال على ذلك قيادة الافريكوم التي رفضتها كل الدول الإفريقية، بل و لم تعطيها مقرا على ترابها و رغم ذلك تم انشاؤها و مقرها في دولة أوروبية شتوتغارد الألمانية.
كذلك استعمال القوة الناعمة و الاستعمار الثقافي بنشر مبادئ التعليم الامريكي الديمقراطية حقوق الانسان الذي تتلاعب به كما تشاء و تسقط به حكومات و انظمة و تفكك به دول، و هذا ما فعلته في ما يسمى الربيع العربي و الذي بدأ من تونس الى مصر الى ليبيا و منها تم التدخل المباشر و التحكم في المجتمعات و استعمال و دعم ورقة الاخوان المسلمين في هذه الدول التي رجعت بها الى الخلف و حطمت كل المبادئ الوطنية التي لا تتماشى و مصالحها، بل في ليبيا قد فككت الدولة و جعلتها بلد من دون دولة و تعتمد طبعا مبدأ التعامل البراغماتي و السياسة البراغماتية، كما أنها تصنع شخصيات من ورق لتتحكم بهم في مصير الدول و خاصة نلاحظها في الفترة الاخيرة و العشرية الاخيرة في البلدان الافريقية، فهي تسقط أنظمة عسكرية و ديكتاتورية فاسدة و تضع محلهم أنظمة أفسد، و تدعم التنظيمات الارهابية و تترك لهم مجال شراء الاسلحة و تجارة المخدرات و غيرها من الجرائم المنظمة.
فهي الآن تعتمد سياسة تعفن الاوضاع و بعدها يكون التدخل المباشرة لمحاربة الإرهاب، كذلك تكوين و تأهيل القيادات الإرهابية، لتخلق منهم زعماء وتدعي أنها قد قتلتهم بغارات “دقيقة” و بعد فترة من الزمن يتضح أنها لم تتخلص منهم، كما تترك لهم حرية التنقل و التجوّل و لا تحرك ساكنا.
و في هذا المجال فقد أرست قاعدتين عسكريتين هامتين في افريقيا الاولى في المغرب على المحيط الاطلسي و الثانية في الصومال، كذلك تدخلت من خلال انشاء قوة مشتركة مع الدول الافريقية و إنشاء قوة الافريكوم التي تلعب دورا مهما لحماية المصالح الامريكية في القارة الافريقية.
3- الولايات المتحدة الامريكية مع القوى الدولية داخل القارة الافريقية
كيف تعالج الولايات المتحدة الامريكية علاقة الصين بالدول الافريقية؟
بعد الصعود الصيني الكبير في افريقيا و التسلل الاقتصادي التنموي الذي أصبح يهيمن على الدول الافريقية و خاصة الدول ذات الموقع الاستراتيجي قفزت امريكا و كعادتها على الاحداث و اعلنت عن مشاريعها التنموية و حفظ السلام في القارة الافريقية التي تعاني من الهشاشة الاجتماعية و التنموية و الأمنية لإنشاء قيادة الافريكوم.
فالصعود الصيني الصاروخي و الظاهر في افريقيا ازعج كثيرا الولايات المتحدة الامريكية اذ بلغ مستوى نمو التبادل التجاري بين الصين والقارة الإفريقية من 3 مليارات دولار في 1995 إلى نحو 100 مليار دولار 2008 الى 170 مليار دولار في 2017 ليصل في سنة 2020 لقيمة 208 مليارات دولار، و بالتالي أصبحت الصين أكبر شريك تجارى لإفريقيا حيث بلغت مساهمتها في النمو الاقتصادي الإفريقي نسبة 20% .
كذلك و من الارقام المخيفة بالنسبة للدول الاوربية و الولايات المتحدة الامريكية هو أن 44 دولة إفريقية ولجنة اتحاد إفريقي وقعت اتفاقيات تعاون في مبادرة الحزام والطريق، و أن الصين قدمت أكثر من 120 ألف منحة دراسية حكومية لإفريقيا وأرسلت أكثر من 21 ألف طبيب إلى 48 دولة إفريقية فهي تعمل فعلا على العمل التنموي ضمن نظرية “رابح رابح”و الحزام و الطريق.
بالإضافة لذلك قدمت الصين قروضا كبيرة للتنمية في القارة الإفريقية حيث قدمت مثلا 22 مليار دولار لأنغولا، ومبلغ 13 مليار دولار لجمهورية الكونغو الديمقراطية، كما استثمرت 13 مليار دولار أخرى في بقية دول القارة و غيرها الكثير من القروض و سيعفى الصين 15 دولة افريقية من القروض من دون فوائد المستحق حتى نهاية 2020.
كذلك نفذت الصين مشاريع كبرى فى إطار مبادرة الحزام والطريق فى دول إفريقية مثل تطوير السكك الحديدية والموانئ، ووقعت مع أكثر من 130 دولة اتفاقيات في هذه المبادرة التي تثير حفيظة الأمريكيين و تصبح الصين أكبر منافس للولايات المتحدة الامريكية في العالم في حين تستعمل أمريكا نظرية زرع الإرهاب و الفوضى و التفقير و التهميش و سرقة الثروات تدخل الصين بمشاريع التنمية و بنظرية “رابح رابح”.
و حسب المهتمين و المحللين فان التبادل التجاري الصيني الإفريقي يميل أكثر لصالح الجانب الإفريقي، فمنذ شهدت الصين عجزا تجاريا يقدر بمليارات الدولارات في تبادلها التجاري مع إفريقيا مما يدل على أن هذا التبادل التجاري ليس انتهازيا، مما يجعل التبادل والمساعدات أكثر جاذبية لدى الدول الإفريقية كونها غيرَ مشروطة إضافة لكونها نتيجة لعلاقات تاريخية نابعة من التضامن جنوب/جنوب.
القوة الصينية في القارة الافريقية جعلت الولايات المتحدة الأمريكية تسرع بالافريكوم و تحت قناع التنمية تتخفى وراءه الأفريكوم و إيهام الجميع بأن التحرك الأمريكي في القارة السمراء يهدف لمجرد خدمة القارة الإفريقية و اخراجها من الفقر و التخلف وليس هو بالأساس جزءا من “الصراع الامريكي الصيني حول إفريقيا”.
فالتقرير الاستراتيجي الصادر في سنة 2006 للأمن القومي الامريكي يؤكد فيه مباشرة على الأهمية الاستراتيجية والجيوسياسية للقارة الإفريقية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. لهذا كان ضمن حلولها هو التموقع العسكري من خلال الافريكوم، اذ يشكل الدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية لإفريقيا في إطار مبادرة الاستجابة للطوارئ الإفريقية (آكري) ومبادرة عمليات الطوارئ والتدريب والدعم الإفريقية (آكوتا) من بين هيئات أخرى، مسعًى أمريكيا لتقليص اعتماد الدول الإفريقية على الدعم العسكري الصيني في تدريب وتسليح قواتها المسلحة، وتعتبر الصين ثالث أكبر مورد لصفقات السلاح للقارة الإفريقية بمعدل يصل لـ 500 مليون دولار سنويا.
و كعادتها فأمريكا تحاول ضرب المصالح الصينية في القارة الافريقية بزرع التنظيمات الارهابية و تسليحهم و كذلك زرع الفكر المعادي للشيوعية التي تتبناها الصين و تروج على أنها كفر و تزرع وكيلها الرسمي “تركيا” في الدول الافريقية.
وكذلك مما اثار حفيظة الامريكان هو استيراد الصين ثلث حاجاتها النفطية من الدول الافريقية خصوصا من السودان وأنغولا وقد عمدت الصين باستثمار رؤوس أموال كبيرة في استخراج النفط من إفريقيا التي تتوفر على مخزونات نفطية كبيرة كما في حالة السودان حيث استخدمت الصين موقعها في مجلس الأمن لتخفيف ومنع القرارات التي تستهدف النظام السوداني وهذا ما عمق الصراع الذي يشبه الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين حول القارة الإفريقية.
لكن ماذا عن العدو التقليدي للولايات المتحدة الامريكية روسيا؟
يقول المسؤولين الروس “ان خطواتهم تجاه افريقيا تمثل بداية فقط لما هو قادم” اذا افريقيا كذلك في مرمى الأطماع الروسية و دخلت في نفس المنافسة أو الصراع مع امريكا، ففي شهر فيفري 2018 زار وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” إفريقيا في وقت متزامن مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي و بدأت الجولة من زيمبابوي أين تقيم موسكو علاقات تنموية واقتصادية كبرى واستثمارات تقدر بثلاثة مليارات دولار في تعدين البلاتين، بينما تسعى أيضًا إلى إقامة علاقات عسكرية مع هذه الدولة الإفريقية الجنوبية المهمة و الغنية.
و بنفس الشعار قد دخلت روسيا الى الدول الافريقية و هي التنمية و التعاون و الشراكات و قد قال أندريه كيمركسي مدير إدارة إفريقيا في وزارة الخارجية الروسية لوكالة “تاس” تنظر البلدان الإفريقية إلى تطوير التعاون في المجال العسكري والفني كأداة لضمان سيادتها واستقلالها، ومقاومة ضغوط الدول الغربية” و أضاف “إننا نقوم بتدريب الأفراد العسكريين وأفراد الشرطة لعمليات حفظ السلام”.
و لا تخفي الولايات المتحدة الامريكية تخوفها من الدور الذي تريد روسيا لعبه و قد قال “والد هاوزر قائد القيادة الامريكية في افريقية “إن قلقنا سيكون قدرتهم (أي الروس) على التأثير، وأن يكونوا على الجناح الجنوبي لحلف الناتو، وأيضًا قدرتهم على الضغط علينا من خلال قيامهم بدور بارز” و يدرك بوتين جيدا أهمية القارة الافريقية في المستقبل فهي بالنسبة اليه القارة المليئة بالثروات الطبيعية و أن الهيمنة عليها سهلة باعتبارها دول هشة و تحتاج الى التنمية و المساعدة. و دخول روسيا الى القارة السمراء سهل لأن تاريخها مثل تاريخ الصين ليس استعماري بل أن تاريخها مشرف مع الدول الإفريقية فقد ساعدتها كثيرا في زمن “الاتحاد السوفياتي” على الاستقلال من الاستعمار الأوروبي و قدمت لها الدعم في مختلف المجالات وهو ما يعطي روسيا خلافا للدول الكبرى رصيداً سياسياً وثقافياً ضخما داخل أفريقيا يمكنها من البناء عليه مستقبلا، ويسهم ذلك في تعميق العلاقات ودفعها إلى الأمام بين روسيا الاتحادية ودول القارة الأفريقية، كما أنه ليس لروسيا أي مطامع أو أجندات خاصة فيها مثل التواجد العسكري أو غيره، كما يحضا بوتين باحترام و محبة الشعوب الإفريقية. و بالرجوع الروسي الى الحلبة الإفريقية ترجع الحرب الباردة مع أمريكا على القارة الإفريقية و المنافسة الشديدة بينهما
و لكن و من المؤكد أن القوى الدولية الأخرى، ولا سيما فرنسا والصين والولايات المتحدة وبريطانيا ترصد عن قرب هذا التحرك الروسي النشط وتدرس ما يمكن أن يترتب عليه من نتائج بالنسبة لها، الآن وفي المستقبل فالمنافسة على أشدّها.
و مما يدل على اهتمام الرئيس الروسي بالقارة الإفريقية عندما قال في كلمة الافتتاح لمؤتمر سوتشي يوم 23 و 24 أكتوبر 2019 بحضور 54 دولة، إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للقارة الأفريقية سيصل في عام 2050 إلى نحو 29 تريليون دولار، وهو حجم هائل بالتأكيد و أضاف أنه يأمل في زيادة التبادل التجاري مع أفريقيا، البالغ الآن نحو 20 مليار دولار كما أعلن في نفس الخطاب بأنّ موسكو قد ألغت 20 مليار دولار من الديون المستحقة لها على دول أفريقية، وهي خطوة تعزز ما قامت به موسكو عام 2009 من إلغاء بعض ديونها الأفريقية، وهو ما يفتح المجال أمام زيادة معدلات التبادل التجاري بين موسكو وأفريقيا.
و في المقابل يتهم بوتين الأمريكان بصناعة الإرهاب و التطرف و قد قالها علنا في العديد من المرات و بهذا فهو يعرض خدماته في المجال الأمني ولاستخباراتي، في مواجهة خطر الإرهاب والتطرف، خصوصاً أن روسيا لديها تجربة في محاربة التنظيمات المتطرفة، وفي المقابل فإن أفريقيا تشهد الآن تواجد العديد من التنظيمات الإرهابية مثل “داعش” و”القاعدة” و”بوكو حرام” وغيرها، وهو ما يشكل خطرا عالميا يهدد الأمن والسلم الدوليين. وهنا ينبغي علينا الإشارة إلى أن روسيا مهمومة ومحمومة بالمواجهة الحاسمة والحازمة مع الإرهاب والإرهابيين، بمعنى أنها تدرك أن هناك قوى عالمية أخرى تتخذ من الإرهاب كعب أخيل الذي يسمح لها باختراق دول ثابتة ومستقرة والعمل على تفكيكها وتفخيخها، ويدرك الروس جيدا أن غالبية التنظيمات الإرهابية الدولية في الأعوام الأخيرة قد ولت وجهها شطر القارة الأفريقية، معتمدة في ذلك على ضعف الأحوال الأمنية، وعلى وجود بنية تحتية ضعيفة تسمح للإرهابيين بتجنيد المزيد من العناصر الإرهابية، ولهذا فان الحضور الروسي هناك يقطع طريق الإرهاب والإرهابيين من المنبع، وفي هذا إفادة كبرى لموسكو، والتي لن تتكلف عملا عسكريا جديدا كما اضطرت إليه سابقا في سوريا خلال الأعوام الماضية كما أنها لا تتوانى عن فضح زارع الإرهاب في إفريقيا و هم الأمريكان.
و قد أثار كثيرا الطموح الروسي في إفريقيا مخاوف القوى الغربية و الأمريكان خاصة من استيلاء موسكو على نفوذهم في القارة و قد أعلن “جون بولتون” مستشار الأمن القومي الأمريكي على اثر قمة ستوشي للدول الإفريقية عن خطة أمريكية جديدة تهدف بشكل أساسي لمحاربة نفوذ روسيا والصين. كما أصدرت الواشطن بوست مقال رأي تطرق إلى أن روسيا “تبحث جديا عن اتفاقات وعلاقات أمنية في افريقيا”، في حين يستمر تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة.