الخميس. نوفمبر 14th, 2024

الصومال-21-12-2020-اعداد/رباب حدادة

توجهت أنظار أردوغان، منذ تسلمه السلطة في 2003، إلى إفريقيا والقرن الإفريقي على وجه الخصوص وذلك في إطار السياسة التركية التي أسماها المختصون”العثمانية الجديدة”néo-ottomanisme وهو مشروع بسط النفوذ التركي على المستعمرات العثمانية السابقة ومن بينها منطقة القرن الإفريقي. 

وقد بلغ عدد السفارات التركية بإفريقيا 41 بعد أن كانت قبل تولي أردوغان الحكم 12 سفارة فقط، كما ازداد عدد وجهات الخطوط الجوية التركية البالغ حاليا 58 ، بعد أن كان في 2011، 14 خطا جويا فقط .

وحاولت هذه السياسة التوسعية ابتلاع السودان غير أن مخطط تركيا فشل بسقوط نظام عمر البشير وخسرت مشروع القاعدة التي كانت ستقيمها في جزيرة “سواكن” الواقعة في الشمال الشرقي للسودان باتفاقية أردوغان وقعها مع النظام السوداني السابق في 2017، الأمر الذي دفعه إلى تعويض هذه الخسارة بتثبيت وجوده في الصومال باعتبارها واجهة أساسية على خليج عدن ومحطة مهمة للنفاذ إلى مضيق باب المندب والبحر الأحمر. وسواء في مشروع سواكن أو الصومال كان الهدف هو تضييق الخناق على المملكة العربية السعودية ومصر، لذلك أحكمت تركيا قبضتها على الصومال من خلال تدخلها الإقتصادي والعسكري والسياسي.


على المستوى الإقتصادي

استثمر النظام التركي كثيرا في الصومال وذلك ببناء البنى التحتية والتجهيزات والمؤسسات العمومية كالمستشفيات والموانئ أهمها ميناء مقديشو الذي تستغله المجموعة التركية Albayrak في إطار عقد لزمة وُقع في 2014 وتم تجديد العقد في أكتوبر الماضي ب14 سنة تضمن بندا لإعادة تهيئة الميناء بقيمة 50 مليون دولار ما يعكس تخطيط تركيا للإستثمار على المدى الطويل في الصومال.


إلى جانب المشاريع التنموية تشمل التعاملات الإقتصادية مبادلات تجارية ثنائية هامة قدرت قيمتها في 2019 ب 206 ملايين دولار.

ازداد الإهتمام التركي بالصومال بعد أن أعلنت افتتاحها 15 قطاعا نفطيا تغطي مساحة 7500 ميل مربع حيث وقعت أنقرة اتفاقا مع الصومال لتستثمر في المجال النفطي ويمتد العقد على مدى 5 سنوات قابلة للتجديد التلقائي إذا لم يعلن أحد الطرفين عن إيقاف العقد قبل 6 أشهر.

و برغم أن الصومال لا تعد حاليا من الدول المنتجة للنفط غير أن المختصين قدروا أن مخزون الصومال قد يبلغ 2.7 مليار برميل من النفط .


على المستوى العسكري

يتركز النظام التركي عسكريا بكثافة في الصومال وقد افتتح في 2017 قاعدته العسكرية في مقديشو والممتدة على مساحة 400 هكتار وتضم 200 موظف ومدرب عسكري، وكان هدفها الأول حسب ما أُعلن، تدريب 10000 جندي صومالي.

كما أشرف الأتراك على تدريب الشرطة الصومالية المعروفة ب “هرمعد” وهي قوات موالية لنظام فرماجو وتم توظيفها سياسيا لحماية النظام الموالي لتركيا وقطر.

على المستوى السياسي

زادت عمليات تسليح الصومال في فترة الحالية التي تستعد فيها للإنتخابات الفدرالية وتزامن ذلك مع الأمر الأمريكي الذي يقضي بسحب القوات الأمريكية من الصومال.

وعُرف الرئيس الحالي فرماجو، ورئيس المخابرات فهد ياسين بولائهما للنظام التركي الذي يعمل بدوره على إبقائهما في مناصبهما، لذلك تتصاعد مخاوف المعارضة من تدخل تركي يقلب الأوضاع في المشهد الوطني الصومالي لفائدة نظام فرماجو، وهذا ما دعا مجلس اتحاد المرشحين في بيان له إلى ضرورة استقالة فهد ياسين من منصبه قبل الإنتخابات بما أنه كان سابقا رئيس الحملة الإنتخابية لفرماجو واستغل نفوذه كرئيس للمخابرات في دعم النظام.

كما وجه المجلس رسالة إلى سفير تركيا لإعلامه بتفطن المرشحين عزم أنقرة تسليم 1000 بندقية من طراز جي3 و 150 ألف رصاصة لوحدات “هرمعد” الخاصة بالشرطة الصومالية التي دربتها تركيا والتي ستشرف على تأمين الإنتخابات .

و الأخطر من ذلك هو استعداد النظام التركي لإرسال 1000 من المرتزقة إلى الصومال من معسكرات تدريب الإرهابيين، ويقوم ذلك النظام بتدرب دفعة جديدة من الميليشيات في مناطق عفرين وجرابلس والباب بالشمال الغربي السوري وكذلك في معسكرات جنوب طرابلس بليبيا وذلك بنية إرسالهم للقتال في الصومال.

وحسب المعطيات الأولية فان مراكز التدريب في سوريا تضم 500 مرتزق،في حين يتدرب في ليبيا 700 مقاتل.
وسط غضب المعارضة الصومالية من تأجيل الإنتخابات البرلمانية، يواصل النظام التركي دعم نظام فرماجو وتعزيز حضوره العسكري وحتى الثقافي من خلال تسمية الشوارع والمباني الصومالية بأسماء تركية في عملية “تتريك” للدولة.

إلى جانب الوضع الداخلي للصومال يسير أردوغان نحو تأجيج الصراعات الحدودية مع كينيا خاصة أن المناطق الحدودية المتنازع عليها تضم أكثر من 100 ألف كم2 من حقول النفط التي تخطط تركيا للسيطرة عليها عن طريق الميليشيات والمرتزقة التي تجهزها في معسكرات التدريب.

غير أن النفوذ التركي سيلجمه ربما التدخل الأمريكي في كينيا بما أن القوات الأمريكية التي سيتم سحبها من الصومال ستتمركز في كينيا، لذلك قد تشهد المنطقة مكاسرة تركية-أمريكية للسيطرة على آبار النفط المكتشفة حديثا.