الخميس. ديسمبر 19th, 2024

الخرطوم-السودان-21-12-2020


في الذكرى الثانية لاندلاع الانتفاضة ضد الرئيس المعزول عمر البشير، تظاهر آلاف السودانيين أغلبهم شباب السبت والأحد في عدة مدن في السودان، مطالبين بـ”العدالة” واحتجاجاً على عدم حصول أي تغيير في حياتهم اليومية
وأقدم هؤلاء المحتجين على حرق إطارات متسببين بتصاعد أعمدة دخان سوداء في عدة مدن في جنوب العاصمة الخرطوم.

وتوجه هؤلاء نحو القصر الرئاسي هاتفين بشعارات من بينها “عدالة، عدالة” و”تسقط بس”، في وقت كان آخرون يحملون الأعلام السودانية وصور “شهداء” قُتلوا خلال تظاهرات 2019.

وتأتي الاحتجاجات بعد ايام من حذف السودان عن القائمة السوداء الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، فيما تتواصل الأزمة الاجتماعية الاقتصادية ويفاقمها تفشي كوفيد-19 بالإضافة إلى تضخم متزايد ودين عام هائل يساوي 201% من الناتج المحلي الإجمالي.

ويشار إلى انه لم تتم بعد إحالة المسؤولين عن قمع تظاهرات 2019، إلى القضاء، ما يشكل سبباً آخر لاستياء المتظاهرين.

وجاءت الإطاحة بالبشير بعد احتجاجات استمرت نحو أربعة أشهر، ليستجيب الجيش السوداني لمطالب المحتجين بالتخلي عن الرئيس عمر حسن البشير وعزله، لكن انقلاب القصر الذي نفذه نائب البشير ووزير دفاعه، الفريق أول عوض بن عوف، صبيحة الخميس 11 ابريل2019، لم يلقَ الترحيب الذي كان متوقعا، فابن عوف يُعدّ من أبرز أركان نظام البشير، ويحمّله المتظاهرون مسؤولية كثير من الانتهاكات.

كما أنه ظل يراهن على إمكانية قمع الحراك الشعبي، حتى بعد أن اتضح أن كفته أخذت ترجح على كفة النظام، معلنا أن الجيش سيقف إلى جانب الرئيس البشير حتى النهاية.

وقد قوبل جينا بيان ابن عوف، منذ الوهلة الأولى، برفض جماهيريٍ قاطعٍ، رغم أنه نص على فترة انتقالية مدتها عامان، وعلى حل المجلس الوطني، وإبعاد حكّام الولايات التابعين للحزب الحاكم، وتعيين عسكريين بدلًا منهم.

ومن أبرز ما قاد إلى رفض الخطاب هو إعلانه تعليق العمل بالدستور، وفرضه حظر التجوال؛ ما أثار الشكوك بأنه تمهيد لفض الاعتصام بالقوة.

ويرى مراقبون ان المشهد السوداني الراهن يكتنف تقاطعات كثيرة، فالثورة مهددة من جانب الدولة العميقة، ذات الأذرع العديدة، المدنية والعسكرية، كما هي مهددة أيضا من أطراف في النظام الإقليمي العربي.

ويبقى العنصر الحاسم في مسار انتصار الثورة، واستقرار السودان، ورجوعه مرة أخرى إلى الحياة المدنية والممارسة الديمقراطية، رهينًا بتمسك الشباب بثورتهم ، وقدرتهم على استدامة الضغط نفسه الذي أجبر العسكريين على عزل الرئيس البشير.

فلو استمرت الحشود في الدعم، وبالقوة السابقة نفسها، ستصل الثورة إلى مبتغاها، متخطيةً كل محاولات الالتفاف عليها من جانب مجموعة الفاعلين الداخليين والخارجيين، ولا بديل سوى الضغط الجماهيري، الواعي وليس الطائش، لوضع الأمور في نصابها.

وأخير لا شيء يهزم الإحباط ويُشرع نوافذ الأمل للسير بالثورة حتى تحقق أهدافها، غير إرادة جماهيرية قوية تتلمس طريقها عبر حراك متماسك ومنتظم في مركز واحد، وعلى خطى قيادة واعية، تطرح شعارات محددة وموحدة، تخطط وتعبئ، بعيدا عن توافه الأمور ومناصبة العداء مع رفاق الخندق الواحد.

تجدر الإشارة إلى أنه في 19 ديسمبر 2019، تظاهر مئات السودانيين في عدة مدن في البلاد بعد قرار الحكومة زيادة سعر الخبز 3 أضعاف في خضمّ أزمة اقتصادية. وسرعان ما تحوّل الحراك إلى انتفاضة أدت في 11 أبريل 2019 إلى إسقاط الرئيس عمر البشير، بعد 30 عاما من الحكم.