الخميس. ديسمبر 26th, 2024

أوغندا-ضحى الطالبي-7-12-2020

تعاني أوغندا أو لؤلؤة أفريقيا وقوعها أسيرة شباك العنف سواء خلال الحماية البريطانية أو بعد ظفرها بالاستقلال.
فقد كان للتوتر السياسي الذي مرت به البلاد دورا فعّالاً في تأجيج شرارة العنف، بداية من الهجوم على مقرّ زعيم البلاد الملّقب ب”كاباكا” و الذي أدّى الى الغاء دستور ما بعد الاستقلال و هو ما مثّل قطع مع النظام الفدرالي في البلاد و هروب هذا الأخير للولايات المتحدة الامريكية، الى الانقلاب العسكري الذي شنّه “عيدي أمين” الذي جاء بعد تبني الدولة نظاما جمهوريا و أدى الى الإطاحة بنظام “أبولو أوبوبوتي”، حتى عودته للحكم بعد سبع سنوات، إلى استيلاء “يوري موسيفيني” على السلطة سنة 1986، نشب على الأقل أربعة عشر تمردا مسلحا.


الفشل في تحديد القضايا الحقيقية :


صارت القضايا الأوغندية القومية شبح فشل يطارد الحكومات المتتالية، وتمثل أكثر مناطق النزاعات الإقليم الشمالي للبلاد، حيث شهدت أزمة مسلحة اندلعت قبل 23 سنة مضت شملت خمس عمليات تمرّد تسببت في مقتل مئات الآلاف من الناس.
وقد أدى هذا التمرّد إلى نزوح 1.8 مليون شخص وتدمير الأراضي الزراعية التي تمثل مصدر عيش السكّان في المنطقة.
وتلّقت العمليات المسلّحة التي نشبت ضد التهميش والقمع القومي الذي عايشه سكان شمال أوغندا خلال نظام”موسوفيني” الذي تسيطر عليه المناطق الغربية، لتنتهي هذه التحركات عام 1987 إنتهت بإبرام اتفاقية سلام، وما أن بدى الهدوء ينعم على السكان الماليين حتى ظهر ما يعرف ب” حركة الروح المقدّسة” الذي بدت وكأنها تعمل كيدّ مساعدة لهؤلاء .

النشأة التنظيم :

وعام 1986، أنشأت “أليس أوما” وتلقب بـ”لاكوينا” أي المتنبئة بلهجة أشوليحركة تسمى “الروح القدس” كمعارضة أوغندية بهدف التصدي لممارسات الرئيس الأوغندي “يوري موسيفيني” آنذاك الذي تولى الحكم في العام ذاته، معتقدة أن الروح القدس أمرها بالإطاحة بالحكومة الأوغندية بسبب الظلم الذي تمارسه ضد شعب عرقية أشولي.

وقد ساندها في دعوتها إبن أخيها “جوزيف كوني”إلى أن باءت بالفشل الذريع.

وتولى كونيفي ما بعد زمام الأمور، حيث ترأس “جيش الرب للمقاومة” في العام التالي مدعياً هو الآخر أنه نبي يمتلك قدرات خارقة لإقامة نظام ثيوقراطي يقوم على تطبيق “العهد الجديد” و”الوصايا العشر ” في شمال أوغندا لمواجهة الانتهاكات الخطيرة التي تعرّضت لها عرقية “أشولي” على أيدي الحكومات المتعاقبة في فترة الاضطرابات في سبعينيات وثمانينيات من القرن الماضي.

ويعرف عناصر جيش الرب بضفائر شعرهم الطويلة وبسكاكينهم المعروفة باسم “بانغا”، كما يشتهرون في مناطق القتال باسم “تونغ تونغ” أي اقطع اقطع.


السودان … داعمة :


رغم محاولات الحكومة الأوغندية لتصفية جيش الرب منذ بداية التسعينيات، إلا إنه ومع سنة 1994، سعت الحكومة السودانية ومنذ دعم الكمبالا متمردي جنوب السودان، إلى الانتقام وردّ الفعل بدعمها هي الأخرى لجماعة جيش الربّقبل انفصال الجنوب عن الخرطوم سنة 2012 لتنفي في نفس السنة تقديم أي دعم لقائد التنظيم ردا على اتهام أوغندا للسودان بالتمويل العسكري لجوزيف كوني.

سنة 2006 أعلن جيش الرب وقف إطلاق النار بينه وبين الجيش الأوغندي بعد حرب أهلية خلّفت عن أكثر من مائة ألف قتيل ومليوني نازح، جرت على أثرها مفاوضات بين الجانبين في جنوب السودان.

لتعلن الحكومة الأوغندية سنة 2009، أن 50% من المسؤولين الكبار في جيش الرب و25% من مقاتليه قدلقو حتفهم في معارك لجيش النظام.

هذا وقد أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما سنة 2011 عن إرسال مائة جندي إلى أوغندا للمساعدة في القضاء على هذا التنظيم، ليتدخّل الاتحاد الأفريقي هو الاخر في العام الموالي بنشر خمسة آلاف جندي للبحث عن زعيم جيش الرب.

سنة 2014 أعلنت الأمم المتحدة أن قيادات جماعة جيش الربّ جعلت من مناطق متنازع عليها في جنوب السودان وكرا لها.


وحشيّة دون توقّف :

تعددت الأفعال الوحشية التي أنتهجها تنظيم جيش الربّ لتستغلّ براءة الأطفال مجبرا إياهم بعد خطفهم على ارتكاب اعمال وحشية من قتل آبائهم وأمهاتهم، أو اغتصاب أحد أفراد أسرهم حتى تستحيل عودتهم إلى ديارهم والهرب، مجبرين على ضرب غيرهم ممن يحاولون الفرار حتى الموت متخذة طابع احتفاليا غذ يحيطون بالضحية في شكل دائري.. امعانا في الوحشية، بينما يجبر البقية على المشاهدة أو المشاركة أو يلطخون بالدماء لتخويفهم. 

في ذروته بلغ عدد عناصر جيش الرب الآلاف، على الرغم من أن عدد مقاتلي “أشولي” المدربين جيداً وذوي الخبرة، لم يكن يتعدى المئات فقط، لكن في السنوات الأخيرة زاد عددهم بالإضافة إلى الأطفال والكبار الأسرى، وذلك بعد الحملات العسكرية التي شُنّت ضده ودفعته إلى الامتداد الى باقي الرقع.

رغم تضاؤل حجم الميليشيات المتمرّدة فإنها قادرة على شن هجمات مروعة بأقل عدد من المسلحين، حيث تتالت أعمالها الوحشية لتطال


الكونغو الديمقراطية :

فخلال عيد الميلاد سنة 2008، ذبح جيش الرب ما لا يقل عن 143 شخصًا واختطف 180 شخصًافى احتفال بكنيسة كاثوليكية فى الكونغو الديمقراطية، وقتل 75 شخصا فى كنيسة بدونغو، وقتل ما لا يقل عن 80 شخصًا فىباتاندى، و48فىبانغادى، و213فىجوربا،وبحلول سنة2009 أدى إرهاب جيش الرب فى هذا البلد إلى تشريد ما يصل إلى 320000 كونغولى، ما عرضهم لخطر المجاعة.

في نفس السنة وفي هجوم لها يعدّ من أكبر مذابح التنظيم وحشية، قتل 30 منهم ما لا يقل عن 345 مدنياً واختطاف 250 آخرين خلال أربعة أيام فقط في منطقة ماكومبو في الكونغو، كما شوّه المسلحون أجساد الكثيرين بقطع شفاههم وآذانهم وأنوفهم وأيديهم وأقدامهم، أيضا قطع رؤوس عدد من ضحاياهم بالخطاطيف والفؤوس.

ليستمر الوضع لسنة 2010، بمقتل حوالي 100 شخص فى كبانغا، بالقرب من حدود الكونغو الديمقراطية مع جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان.

هذا ولم تسلم حدود جنوب السودانهي الأخرى من هذا المصير حيث تم اختطاف 61 مدنياً في منطقة قريبة من الحدود، قبل إطلاق سراحهم بعد إجبارهم على نقل بضائع وأغذية منهوبة.


فبين عام 2008 و2011 قامت جماعة جيش الربّ بقتل أكثر من 2300 شخص، واختطاف أكثر من 3000، كما نزّحت أكثر من 400000 فى جميع أنحاء جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى.

هذا وتتهم الأمم المتحدة بقتل قرابة 100 ألف شخص، وخطف أكثر من 60 ألف طفل منذ نشأته.


الحيوانات مصدر تمويل :


مع توسع نشاط قائد جيش الربّ خارج أوغندا بدأ التساؤل حول مصادر تمويله وبقائه راكزا للان، هذا ويعوّل جديّا على استخدام عناصره في صيد الفيلة للاستفادة من أنيابهاببيعها لشراء أسلحة وذخائر،ويبيع الرطل الخام الواحد من العاج بنحو 1300 دولار، على الرغم من ان هذا النشاط محضور قانونا في اغلب الدول الافريقية لكن انتهاج الغاب مسكنا ومقرا للجماعة يجعل قانون الطبيعة هو الساري.

هذا وقد اكّدمسؤولون عن حديقة غارامبا في الكونغو، أن جيش الرب قتل حوالي 96 فيلاً سنة 2015، قبل أن يحمل أنيابها عبر إفريقيا الوسطى، من الكونغو إلى ملجأ كوني “كافيا كينغي” في جنوب السودان.

ليستغلّ الجيش السوداني هو الاخر الوضع وذلك بالدخول في دائرة السوقبشراء شحنات العاج من جيش الرب وبيعها في أسواق آسيا والخليج، ما يدعّم هذه الحركية تحالف “كوني” حليف قديم للرئيس السوداني السابق عمر البشير دون ان نغض البصر عن تورط نائب رئيس جنوب السودان “ريك مشار” في دعم التنظيم بمنحه ممراً آمناً لدخول البلاد بغية حمايته من خطر التلاشيبعد اشتداد التضييق عليه.


محاولات بالقبض…دون طائل :

صار القاء القبض على زعيم التنظيم البحث عن غبرة في كومة قشّ نظرا لتحركّاته المدروسة، بحيث يتحرك في مجموعات صغيرة منفصلة عبر تضاريس شجرية بين حدود الكونغو وإفريقيا الوسطى وجنوب السودان، بينما يضع أوامره فوق الأشجار أو تحت الصخور كخطّة سرّية، ويتجنب الاتصالات الهاتفية، والقاء بجماعته وجها لوجه خوفاً من رصده.

لتدخّل المحكمة الجنائية الدولية سنة 2005 و تصدر بطاقة جلب في حقّة بتهمة الجرائم المقترفة ضد الإنسانية، كما لم يقفالاتحاد الأفريقي مكتوف الايدي بل تدخّل ب\تخصيص قوة عسكرية لإلقاء القبض عليه منذ عام 2012.