واغادغو-بوركينا فاسو-26-11-2020
عبّرت المعارضة البوركينية عن رفضها لنتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي أجريت الأحد الماضي، معتبرة أنها نتائج مزورة تشوبها مخالفات عديدة .
ونتيجة الظروف الأمنية في الشمال والشرق البوركيني، وحيث ينشط الإرهابيون في هذه المناطق، لم يشارك الألاف من البوركينيين في هذه الانتخابات ممّا يضع علامات استفهام كثيرة حول النتائج المرتقبة.
وكانت المعارضة البوركينية قد وقّعت اتفاقا سياسيا لمواجهة الرئيس الحالي، روك مارك كريستيان كابوري، في الانتخابات الرئاسية الحالية.
وبموجب بنود هذه الاتفاقية ، فإن الأطراف الموقعة “تلتزم بدعم الحزب الذي قد يتأهل إلى الجولة الثانية وإعلان هذا الدعم للحزب المتأهل في غضون 24 ساعة من الإعلان النهائي للنتائج”.
وفي حالة تأهل حزبين سياسيين موقعين على هذه الاتفاقية إلى الجولة الثانية، تكون لكل حزب موقع حرية اختيار الحزب الذي سيدعمه”.
وقالت المعارضة البوركينية إنّ الموقّعين على هذا الاتفاق السياسي لن يقبلوا بنتائج تشوبها مخالفات ولا تعكس إرادة الشعب البوركيني، موضّحة أن الانتخابات لم ترتقي إلى مستوى المهمة الموكّل إليها في التنظيم الجيّد لهذا الاستحقاق.
وكانت بيانات رسمية قد أظهرت أن 400 ألف شخص على الأقل أي ما يقارب سبعة في المائة من الناخبين لن يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات.
ودُعي حوالي 6.5 مليون ناخب في بوركينا فاسو، للإدلاء بأصواتهم لانتخاب رئيس جديد للبلاد، فيما يسعى الرئيس الحالي روش مارك كريستيان كابوري لولاية ثانية .
وتقدم للانتخابات كل من الرئيس الحالي كابوري وزعيم المعارضة زفيرين ديابري رئيس حزب الاتحاد من أجل التقدم والتغيير وهو وزير مالية سابق وكان معارضا شرسا لكابوري عام 2015.
ويسعى الرئيس الحالي للبلاد روش كابوري للفوز بفترة رئاسية ثانية تستمر خمس سنوات، وقد روج في حملته للإنجازات التي حققها في فترته الأولى ومن بينها الرعاية الصحية المجانية للأطفال دون الخامسة وتمهيد بعض الطرق الترابية المنتشرة في البلد المجدب الواقع في غرب أفريقيا.
وأصدرت لجنة الانتخابات الرئاسية في بوركينا فاسو نتائج أولية تظهر تقدم الرئيس المنتهية صلاحيته روك مارك كريستيان كابوري بنسبة 14.25 بالمائة، ويأتي منافسه زيفرين ديابري في المرتبة الثانية بنسبة 14.25 بالمائة.
وتعيش بوركينا فاسو البلد الزراعي الغني بالمناجم في منطقة الساحل الذي كان وجهة مهمة للسياح والمنظمات غير الحكومية أسوا أوقاتها منذ استقلاله في 1960، فهي غارقة منذ خمس سنوات في دوامة من العنف مثل جارتيها مالي والنيجر.
وقد أدّت الهجمات التي شنّتها جماعات جهادية بعضها مرتبط بالقاعدة والبعض الآخر بتنظيم داعش الإرهابي.
من جهة أخرى، حذّر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في وقت سابق من تفاقم الأزمة الإنسانية التي يؤججها العنف المنتشر في البلاد إلى جانب التأثير الممتد لتغير المناخ الذي يجتاح بوركينا فاسو ودول الجوار في منطقة الساحل في غرب إفريقيا.
وتحدّث المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، عن أزمة إنسانية مأساوية في بوركينا فاسو أدت إلى تعطيل حياة الملايين حيث أنّ ما يقارب نصف مليون شخص قد اجبروا على ترك منازلهم وأصبح ثلث البلد الآن منطقة نزاع.
وشنّ إرهابيون هذا العام أعمال عنف في بوركينا فاسو أودت بحياة مئات الأشخاص وشردت أكثر من 150 ألف شخص، مع امتداد تأثير الجماعات المتشددة عبر منطقة الساحل.
ومنذ عام 2018 تم تمديد حالة الطوارئ عدة مرات في عدد من مدن البلاد، التي تعاني من هجمات الجماعات المسلحة منذ 2015.
وتشمل حالة الطوارئ 14 منطقة في 7 ولايات من أصل 13 ولاية، معظمها في الشرق والوسط الشرقي، والشمال، وهي المناطق الأكثر تعرضا لهجمات الجماعات المسلحة.
الإرهاب في بوركينا فاسو
في نهاية عام 2016، ازداد عدد الهجمات الإرهابية مع تشكيل حركة جديدة، وهي حركة أنصار الإسلام بقيادة إبراهيم مالام ديكو، الذي ينحدر من قبيلة فلاني، ومن مواليد بلدة جيبو، الواقعة بولاية سوم التي تبعد 300 كلم إلى الشمال من العاصمة واغادوغو، ويدعى في أوساط أنصاره بأمير المؤمنين.
وتنشط أنصار الإسلام في المناطق الحدودية التي تفصل بين مالي وبوركينا فاسو وخاصة في مقاطعة سوم في بوركينا، في 16 ديسمبر 2016، قادت الجماعة الهجوم على ناسومبو حيث قتل 12 جنديا من جيش بوركينا فاسو.
وفي نهاية 2017 شنّت القوات المسلحة في بوركينا فاسو سلسلة من العمليات في شمال البلاد، وصاحب ذلك العديد من الانتهاكات، وحددت الأمم المتحدة ما يقرب من 25000 نازح بين ديسمبر 2017 ومايو 2018.
في عام 2018، استمر العنف في شمال بوركينا فاسو ولكنه بدأ أيضا في الانتشار إلى شرق البلاد.
وفي 28 أبريل 2019 بدأت الهجمات ضد المسيحيين، عندما قتل ستة أشخاص، بينهم قس، على يد مجموعة من 10 إلى 20 رجلا مسلحا في معبد بروتستانتي في سيلجادجي، وفي 12 مايو، تم استهداف كنيسة كاثوليكية بدورها في دابلو من قبل مجموعة من 20 إلى 30 إرهابيا قتلوا ستة أشخاص، بينهم كاهن.
و تسبّبت موجة الإرهاب الأخيرة في نزوح نصف مليون شخص من مناطق شمال وشرق بوركينا فاسو، واستمر الإرهابيون في تنفيذ عملياتهم عام 2020 مستهدفين الكنائس والقوات الحكومية والسكان المدنيين.
وبدأ الإرهاب يقترب تدريجيا من العاصمة نفسها، وما يزيد الأمر سوءا، غياب التجاوب الواضح من الحكومة مع التطورات.
ويرى مراقبون إن تحوّل بوركينا فاسو إلى ملجأ للجماعات الإرهابية المرتبطة سواء بالقاعدة أو داعش، سببه تفكيك قوات الأمن الرئاسي وأجهزة المخابرات التابعة للرئيس السابق بليز كامباوري، إضافة إلى الوضع الاقتصادي والمالي المتردّي في البلاد، وكذلك إلى تحوّل الإرهاب إلى أداة للاسترزاق في ظل الحمية القبلية، وإلى النشاط الكبير في مجال التهريب المرتبط بالإرهاب في المثلث الجغرافي بين بوركينا فاسو والنيجر ومالي.