الأثنين. أبريل 29th, 2024

تونس-ضحى طالبي

من هم؟

الطوارق أقلية قبلية وهم أخلاف الجرمنتيين الذين استوطنوا الصحراء الكبرى في جنوب ليبيا وجنوب الجزائر منذ آلاف السنين، و حسب ابن خلدون فانه تم تقسيم الأمازيغ إلى قسمين البرانس والبتر، ونسبت صنهاجة التي ينتمي إليها الطوارق إلى الأمازيغ البرانس. 

ويطلق عليهم أيضا تسمية “الرجال الزرق” نظرا لكثرة استعمالهم القماش الأزرق لباسا. 

يتموقعون بليبيا في منطقة فزان أما في الجزائر فيوجدون بمنطقة الهقار، وفي مالي يوجد الطوارق بإقليمي أزواد وآدغاغ، أما في النيجر فوجودهم أساسًا بمنطقة أيِير.


اما عددهمفيناهز 3.5 مليون شخص، 85% منهم في مالي والنيجر، في حين يتوزع 15% منهم في دول شمال إفريقيا لا سيما في الجزائر وليبيا.


إختلفالمؤرخين حول سبب تسميتهم ب “الطوارق” فهنالك من أعتبره نسبة لتوغلهم في طرق الصحراء وهناك من رآه يعود للقائد طارق بن زياد أماالبعض الآخر فيعتبرهمأخوذ من كلمة”تاركة” وتعني الأرض الغنية بمنابع المياه، لكن يفضلون أن يطلق عليهم اسم ” تماشق” وتعني الرجال الأحرار.


و هو شعب مسلم، لغته الاصلية هي التماشقوحروفها تسمى”تيفيناغ”، ويجيد البعض منهم العريبةو الفرنسية .
و قد فرضت الظروف الصحراوية القاسية على سكان هذه المناطق اتباع نمط معين في الحياة من ذلك ارتداء اللثام إتّقاء لوهج الصحراء والأتربة .


يقوم نظامهم الاجتماعي سابقا على الطبقية أما سياسيا فالسلطة يحكمها توزيع هرمي ثلاثي ( السلطان، شيخ القبيلة، الإمام) ويعتمد نظام حياتهم على تربية الأبل و المواشي و ما تدره بعض المناطق على محدوديتها من انتاج زراعي ، كما يعتمد عدد كبير من الطوارق على التجارة بين المناطق الصحراوية و خاصة على الحدود مع كل من النيجر و الجزائر و مالي و ليبيا فضلا عن التهريب الذي نشط خلال السنوات الأخيرة .

  1. أزمة الطوارق في مالي والنيجر:
    على الرغم من مقاومتهم الشرسة للإستعمار الفرنسي ضد أغلب المناطق الافريقية، فان استقلال هذه المناطق أظهر الوجه الاخر لهذه الحكومات بعد مطالبة هذه الأثنية بالحق في إمتلاك الأراضي و الحفاظ على خصوصيتها و هويتها من الاندثار .
    تحركات الطوارق:
    بعد ثلاث سنوات من استقلال مالي عن فرنسا سنة 1960 إلتجأت هذه الفئة للانتفاض و التحرك المسلح بعد تهميشها و اضعاف كيانها من قبل حكومات المناطق التي توجد بها و توالت هذه الانتفاضات في التسعينات ثم في سنة 2008،2006، و اخرها سنة 2012 على الرغم من ابرام اتفاقية سلام معها عام 1992 …كانت حبرا على ورق .
    لتهتز النيجر هي الأخرى على نحو مماثل خلال التسعينات وفي سنة 2007 وتبرم اتفاقية سلام عام 1995.
    الى جانب المعاملة السيئة للحكومات مع هذه الاثنينة فان ذلك لم يكن السبب الوحيد بل ينضاف له التزمّت و التمسك بحياة البدو الرحل في زمن يشهد ديناميكية كبري مما ساهم في شبه انعدام البنية التحتية و موارد الصحة و التعليم في هذه الأقلية .
    فضلا عن قلة عددهم وزهد الطبقة المتعلمة مما يصعب وصولها للمناصب السياسة و بالتالي فرض وجودها بالميدان.
    وعلى الرغم من أن مطالب الطوارق متشابهة إلى حد كبير في كل من مالي والنيجر، إلا أن الظروف الجغرافية والديمغرافية والسياسية مختلفة تماماً.
    نقاط الاختلاف:
    خلافا لطوارق مالي المتمركزين في الشمال، ينتشر طوارق النيجر في جميع أنحاء البلاد وهو عامل ساعد على النزعة الوحدوية الصريحة.
    التمرد في مالي حرض الطوارق ضد المجتمعات الأخرى وأدى إلى تعقيد جهود التوصل إلى السلام، في حين أدى النزاع في النيجر في نهاية المطاف إلى تقسيم الطوارق .
    الهدوء النسبي للوضع:
    لكن مع وجود الجماعات التي تنتمي لتنظيم القاعدة في تلك المناطق واتجاه أصابع الاتهام للطوارق بصلتهم بالتنظيم الإرهابي جعل من اتفاقيات السلام لا تنطبق بصورة كلية وذلك لتداعيات امنية بالأساس.
    ففي شمال مالي تم إطلاق برنامج أمني في عام 2011 أطلق عليه اسم البرنامج الخاص للأمن والسلام والتنمية في شمال مالي، وكان البرنامج قائماً على فكرة أن الأمن سيحفز التنمية، لكنه أثار الغضب بسبب الكره للجيش في المنطقة.
    من جهة أخرى قام الرئيس النيجري بتنصيب بعض من الطوارق في مناصب حكومية رئيسية في محاولة منه لتهدئة مشاعر الإهمال والتهميش.
    هذه المحاولات كانت بمثابة مسكّن لا أكثر
    ليكون للطوارق ردة فعل من ذلك فقائد المتمردين الطوارق في مالي لم يقم بإلقاء السلاح علامة عدم رضا وموافقة، لكن زعماء الطوارق في النيجر قاموا بقبول الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بوساطة الزعيم الليبي في ذلك الحين معمر القذافي والتي شملت نزع السلاح لكن الكفاح لم يتوقف هناك بل استمر لكن الوسيلة تغيرت.
    أخيرا
    وقّع المتمردون الطوارق في مالي اتفاق “السلام والمصالحة”، الذي وصف بالتاريخي، في العاصمة باماكو.ويهدف الاتفاق إلى إرساء الاستقرار في شمال البلاد، وكانت الحكومة والجماعات المسلحة الموالية لها وقعت وثيقة الاتفاق في 15 ماي 2015، إلا أن متمردي الطوارق اشترطوا وقتها إجراء بعض التعديلات قبل التوقيع، لتوقع بعد اجراء تسويات في جوان على الاتفاقية.
  2. طوارق ليبيا والاستغلال التركي لضعفهم:
    في محاولة تركيا للتمهيد لاستغلال خيرات ليبيا قامت بدعوة رئيس المجلس الاجتماعي الأعلى لطوارق ليبياللبحث عن موطئ قدم لها في جنوب ليبيا بعد اكتشاف ثروات البلاد من مناجم الحديد،مناجم اليورانيوم،خام الذهبو مخزون من النفط الصخري يقدر بـ74 مليار برميل، مما يجعلها الأولى عربيا والخامسة عالميا من حيث احتياطيات النفط الصخري الموجود في شمال غرب ليبيا وفي جنوبها، فضلا عما تتمتع به المنطقة من طاقة شمسية، ما يثير أطماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الجنوب الليبي.
    هذا و قد كشف خبراء اقتصاديون وسياسيون ليبيونعن ملامح خطة تركية-قطرية لتنفيذ مؤامرة جديدة في ليبيا‬ بالاستيلاء على الهلال النفطي وثروات الجنوب الليبي، مستخدمةً في ذلك الأطراف المحلية والمليشيات المسلحة لتحقيق غايتها و تحويل الجنوب الليبي لرقعة نفوذ اجنبي من جهة و لانهاك القوات العسكرية الليبية من جهة أخرى بالتالي امتداد الازمة الليبية لما لا نهاية له .
    لكن أعضاء المجلس الاجتماعي لطوارق ليبيا تصدوا لهذه المساعي رافضين أي اتفاق مع الحكومة التركية مؤكدين انحيازهم التام للقوات المسلحة بقيادة المشير خليفة حفتر في إعادة الأمن والاستقرار والطمأنينة في كل ربوع ليبيا، ومحاربة الإرهاب
    هذا و قد ثمّن القائد العام للقوات المسلحة الليبي خليفة حفترخلال لقائه مع وفد من مشايخ وأعيان قبيلة الطوارقدور القبائل الليبية في القوات المسلحة القائمة لتخليص البلاد وحمايتها من شرالجماعات الإرهابية والمتطرفة .
  3. الطوارق بين الإرهاب والتهريب:
    كشفت الدوريات المستمرة التي قام بها الجيش الجزائري مخابئ للأسلحة الثقيلة من قذائف صاروخية ، الديناميت المعد لصناعات المتفجراتوأسلحة رشاشة وكمية من الذخيرة وقنابل يدويةفي مختلف مدن ومناطق الصحراء، خصوصاً في منطقة عين صالح وسط الصحراء، ومنطقة إليزي ومدينة جانت قرب الحدود مع ليبيا والنيجر وتامنراست وبرج باجي مختار قرب الحدود مع مالي وعين قزام قرب الحدود مع النيجر و يشير هذا التوزع الممتد لهذه المخابئ إلى وجود محاولات لمجموعات إرهابية لزرع مخابئ أسلحة تستخدمها عند الحاجة في عملياتها هذه من ناحية ، و من ناحية أخرى تثير وجود نشاط واسع لشبكات تهريب السلاح يمتد من الحدود الجزائرية الليبية شرقاً إلى الحدود الجزائرية مع مالي والنيجر جنوباً، لا سيما بعد سقوط نظام معمّر القذافي نهاية عام 2011 ، حيث بدأت ظاهرة الانتشار اللافت للأسلحة والمعدات العسكرية في منطقة الساحل وعلى تخوم الحدود بين الجزائر وليبيا ومالي.
    وتمكّنت مجموعات إرهابية مسلحة وحركات الأزواد التي تمثّل الطوارق في شمال مالي وشمال النيجر، من تعزيز ترسانتها العسكرية بكميات مهمة من الأسلحة التي جرى تهريبها من مخابئ الأسلحة الليبية.
    علاقة وثيقة بين شبكات التهريب والمجموعات الإرهابية:
    تجد شبكات تجارة الأسلحة في هذه الدول سوقا كبيرة للربح بحكم تواجد التنظيمات الإرهابية فيها، و حركات الطوارق بمالي والنيجر، الى جانب شبكات الاتجار بالبشر و المخدراتالتي يمثل لها السلاح حاجة ماسة لتحركاتها الاجرامية مستفيدة من الهشاشة الأمنية في المنطقة.
    يجب عدم الاستهانة بهذه الشبكات كونها توفّر وقود حرب مدمرة للقدرات الاقتصادية وناسفة للاستقرار الأمني والاجتماعي في مناطق الصحراء والمرابطة على الحدود مع ليبيا ومالي والنيجر.