إعداد: أميرة زغدود
أديس أبابا :
بعد توجيه الاتهامات لمقاطعة التيغراي لاستهدافهم قاعدة عسكرية إتحادية إثيوبية و أمر آبي احمد بشنَ هجوم عسكري على الإقليم بتاريخ الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني. تتواصل الاتهامات بين الطرفين وسط انكار الجبهة للهجومات وإدانتها كذريعة لضرب الاقليم .
وضع متأزم وسط تنازع دامي بين طرفي النزاع
تعرف اليوم، الاحداث تواترا كبيرا بين ما يجري بالداخل و الخارج، فيما يتعلق بمسلسل الحرب و المواجهات بين القوات الاتحادية وقوات اقليم التيغراي، وأيضا حالة من الغليان في المواقف الدولية انطلاقا من دول الجوار وحتى الدول ذات المصالح بالمنطقة .
وتدور المواجهات حول نقطة مهمة وهي النزعة الانفصالية لمقاطعة التيغراي و هو ما اعتبرته حكومة ابي احمد تمردا على السلطة المركزية، فالإجماع أنَ دور الجبهة لن يكتسي أحقية اذا ما لم تقبل بالحوار فإقليم واحد ليس له الشرعية للحديث عن وحدة وطنية.
القائمون على السلطة بجبهة التحرير بتيغراي لم يستحسنوا سياسة ابي احمد التي يرونها من باب الاقصاء و تقليص نفوذها بالسلطة، وهذا ما حدا بهم الى اجراء انتخابات استباقية في سبتمبر/أيلول و التي اعتبرتها السلطة المركزية انتخابات تخلو من الشرعية القانونية بعد تأجيل الانتخابات بقرار فيدرالي بسبب جائحة الكورونا.
تواتر الاحداث بالمنطقة يشهد سرعة مهولة بين الفعل و ردة الفعل في المقابل، حيث قصفت قوات إقليم “تيغراي”، شمالي البلاد، مدينة “بحر دار”، عاصمة إقليم “أمهرة” المجاور لها و لم يتم تسجيل اية اضرار أو خسائر بشرية .
كما تجدر الاشارة، إلى تمكَن قوات المهام الطارئة الحكومية، المكلَفة من طرف رئيس الوزراء آبي أحمد، من تحرير بلدة “ألامتا” بنشرها لبيان تؤكد فيه سيطرتها على البلدة، وتوجيهها لاتهامات للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بأخذ 10 آلاف سجين معها أثناء الفرار من البلدة الواقعة في الإقليم الشمالي للبلاد والتي تبعد نحو 120 كيلومتر من عاصمة إقليم التيغراي “ميكيلي”. جاء هذا البيان بعد إمهال رئيس الوزراء آبي أحمد قوات الإقليم 72 ساعة للاستسلام.
وحسب مصادر عسكرية تمَ تأكيد تخطيط الجيش الإثيوبي لمحاصرة عاصمة الإقليم بالدبابات، و إمكانية اللجوء إلى المدفعية لقصف المدينة في محاولة لإنهاء الحرب التي استمرت منذ 3 أسابيع.
جاء هذا، بعد تقدَم الجيش الإثيوبي وبسط سيطرته على المدن المحيطة بعاصمة الإقليم، وأبرزها “إيداغا حمص”، و”عدي قرات” ذات الأهمية الإستراتيجية لاعتبارها ثاني أكبر مدينة بالإقليم.
وتتواصل المعارك على حدود تيغراي على جبهتين، بالشمال مع الجيش الإيريتري المتحالف مع أديس أبابا(حسب مزاعم الاقليم)، وبالجنوب مع القوات الأمهرية والجيش الفيدرالي وسط قطع لوسائل الاتصال في المنطقة ومنع للتغطية الصحفية للأحداث.
مساعي دولية لوقف نزيف الحرب وتنديدات سودانية
ولا يزال الطرفان يتبادلان الاتهامات، وسط محاولات دولية لإقناع الطرفين بإيقاف الحرب ففشلت أوغندا في ذلك بعد الاعلان عن لقاء سيجمع الرئيس الاوغندي ومجموعة ممثلين عن طرفي النزاع . ولم تتمكن من إقناعهم لخفض التصعيد وسط نفي الطرفين المشاركة في أية حوارات من هذا النوع ووصفها بالكاذبة.
كما أطلقت السلطات السودانية صيحة فزع بعد نزوح أكثر من 30 ألف إثيوبي تابعين لإقليم التيغراي المنفصل، نحو الأراضي السودانية وسط ظروف معيشية سيئة لا تحتمل وصف الانسانية هربا من بطش الحرب الحامية الوطيس بين المتقاتلين .
وشاركت السودان في اتفاقات مع منظمات دولية أممية للتسريع في تقديم المساعدات الانسانية للاجئين الإثيوبيين، في اطار اجتماع مشترك ضم كل من الأمين العام لحكومة ولاية كسلا (شرقي السودان) محمد موسى عبد الرحمن مع ممثلين من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبرنامج الغذاء العالمي، وصندوق الأمم المتحدة للسكان.
وتمَ الاتفاق على وضع التدابير اللازمة “لمقابلة التدفقات الكبيرة والمستمرة” للاجئين الإثيوبيين بمعسكر الاستقبال بمنطقة “حمداييت” في كسلا إلى جانب فتحها لمخيَم “أم راكوبة “بولاية القضارف السودانية لاستقبال النازحين .
الوضع المخيف يسهَل التدخلات الخارجية في حال تواصل الصراع..
الوضع بإثيوبيا اليوم حساس للغاية وسط محاولات دولية لإنهاء الحرب، و ستكون له نتائج وخيمة اذا ما تواصل الصراع. ولكن هل من الممكن تسجيل تدخلات دولية فاعلة من قبل دول الجوار لإيقاف الحرب؟
إن تواصل الحرب بين القوات الفيدرالية الاثيوبية و جيش اقليم التيغراي ، يفتح المجال لرؤية استباقية للمشهد في مراحل متقدمة و بالتالي سيكون الوضع في المنطقة و في أثيوبيا كالتالي :
- السيناريو الاول: تواصل الحرب قد يكون سببا في تعمق الازمة المصرية – الاثيوبية فيما يتعلق بمشروع سدَ النهضة الذي بدوره هو نقطة خلاف مع اثيوبيا وسط رفض مصري لإتمام المشروع تفاديا للتصادم بين الدولتين (فمصر تصرَ على أحقيتها في النسبة التي تمتلكها من منسوب نهر النيل، و تتجنب فتح المجال أمام مشاريع من هذا القبيل الذي سيسهم في التقليل من نسبة منسوب مياه مصر).
- السيناريو الثاني : هناك احتمال كبير لرؤية تدخل صومالي في مجريات الصراع الإثيوبي، فالحال أن الحرب ستنهك قوى الجيش الفيدرالي و هذا ما يسهَل الطريق أمام تدخَل “تنظيم الشباب” المتطرف في الصومال للتدخل و ربما القيام بأعمال ارهابية في محاولة للثأر من الحكومة الاثيوبية لما قامت به من قبل ضدَ نظامهم .
- السيناريو الثالث: الوضع اليوم بإثيوبيا يذهب نحو التأزم فلا القوات الفيدرالية ستتراجع نحو الوراء و توقف توجيه ضرباتها نحو اقليم التيغراي ولا الاخيرة مستعدة للاستلام والرضوخ .
وسط تخوفات دولية لمزيد تعمَق الازمة يتواصل مسلسل الحرب الذي يمتد لقرابة الشهر الآن، المحاولات حثيثة لإيقاف وتيرة المواجهات ولكنَها تبوء بالفشل محاولة تلو الاخرى والدليل على ذلك تكذيب مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي خبر تكليف الاتحاد الافريقي لثلاثة رؤساء أفارقة سابقين كوسطاء لمحاولة البحث عن مسار تصالحي بين المتنازعين، هذا ما يجعل الرؤية واضحة أمام الجميع أن الحرب لن تنتهي الا بسقوط أحد الطرفين .