تونس-تونس-13-10-2020
التقى رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد أمس الإثنين، رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالنيابة ستيفاني وليامز، وبحث الطرفان الترتيبات المتعلقة باحتضان تونس الإجتماع المباشر الأول لملتقى الحوار السياسي الليبي مطلع نوفمبر القادم.
وعبّر سعيّد ، عن ارتياحه لتتويج مسار من التنسيق والتشاور بين تونس وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا باختيار تونس لاحتضان هذا الإجتماع الهام الذي سيلتقي فيه كل الفرقاء الليبيين من أجل استئناف العملية السياسية، مؤكدا استعداد تونس لوضع كل الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة للمساهمة في إنجاح هذا الاستحقاق الهام .
وجدد رئيس الدولة تأكيده على ثوابت الموقف التونسي لحل الأزمة الليبية وفق مقاربة تقوم على وحدة ليبيا ورفض التدخلات الخارجية وإيجاد حل ليبي ليبي.
وذكر سعيّد أن تونس ليست في منافسة مع أي جهة كانت وأن الهدف المنشود هو إيجاد تسوية سلمية للأزمة في هذا البلد الشقيق.
وكانت البعثة قد أعلنت في بيان لها أن ملتقى الحوار السياسي الليبي سيعقد وفق صيغة مختلطة، وذلك من خلال سلسلة من الجلسات عبر الإتصال المرئي وكذلك عبر اجتماعات مباشرة.
ولفتت إلى أن الملتقى يهدف بشكل عام إلى تحقيق رؤية موحدة حول إطار وترتيبات الحكم التي ستفضي إلى إجراء انتخابات وطنية في أقصر إطار زمني ممكن من أجل استعادة سيادة ليبيا والشرعية الديمقراطية للمؤسسات الليبية.
وجاء قرار عقد هذا الملتقى الموسع والشامل بعد أسابيع من المناقشات المكثفة مع الأطراف الرئيسية المعنية الليبية والدولية.
وسيستند ملتقى الحوار السياسي الليبي إلى التقدم المحرز والآراء التوافقية التي أسفرت عنها المشاورات الأخيرة بين الليبيين، بما في ذلك توصيات مونترو، والتفاهمات التي تم التوصل إليها في بوزنيقة والقاهرة.يشار إلى أن المسار الدستوري الليبي المنعقد في القاهرة حاليا، يختتم أعماله اليوم الثلاثاء، في وقت أعلنت فيه باريس إطلاق مبادرة فرنسية -مصرية جديدة في إطار السعي الدولي لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية.
وجاء إطلاق المبادرة الجديدة على لسان السفير الفرنسي بالقاهرة، ستيفان روماتيه، الذي قال في تصريحات صحفية، إن بلاده تٌحضر لإطلاق مبادرة جديدة لحل الأزمة الليبية بالتنسيق مع القاهرة، تضم دول الجوار والأطراف السياسية الفاعلة في الأزمة.
وكانت فرنسا قد رعت في نهاية مايو 2018 مؤتمرا دوليا حول ليبيا، إذ جمعت الفرقاء الليبيين على مائدة المفاوضات والتي أفضت إلى ما عرف بـ”إعلان باريس 2″، وجاء في مقدمة مخرجاته الإتفاق على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في ليبيا قبل نهاية عام 2018.
وتضمنت بنود إعلان باريس 2 نقل مقر مجلس النواب إلى بنغازي وتوحيد البنك المركزي ومؤسسات الحكومة الأخرى، فضلا عن توحيد المؤسسات السيادية، وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية والأمنية وفقا لورقة القاهرة المنبثقة عن مشاورات العسكريين الليبيين بالقاهرة عامي 2107 و2018.
وكانت ألمانيا قد استضافت بدورها مؤتمر برلين 1 يناير 2020، حيث شدّد على ضرورة وقف إطلاق النار في البلاد التي مزقتها الحرب، ووقف التدخلات العسكرية، والإلتزام بقرار الأمم المتحدة القاضي بحظر توريد الأسلحة.
وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قد أعلنت أن النقطة الأهم للمؤتمر تكمن في موافقة كل من رئيس السراج، وقائد الجيش الليبي خليفة حفتر على اتخاذ سلسلة خطوات لاحقة، بينها تشكيل لجنة عسكرية لمراقبة الهدنة تضم 5 ممثلين عن كلا الطرفين.
وتعلقت أنظار الليبيين على مساعٍ دولية دعت إلى التماس حل سياسي لحقن الدماء، منذ عام 2015، وذلك بعد أن شهدت البلاد حرب شوارع واشتباكات بين ميليشيات ليبية وأخرى متعددة الجنسيات من جهة والجيش العربي الليبي الذي يسعى لتطهير البلاد من الإرهاب،من جهة أخرى.ومثل اتفاق الصخيرات أولى الإتفاقيات التي حاولت توحيد طرفي الصراع الليبي بمبادرة أممية بإشراف المبعوث الأممي مارتن كوبلر، في 17 من ديسمبر 2015.
وبعد الصخيرات جاء اتفاق باريس يونيو2018، لحقه مؤتمر مؤتمر باليرمو، الذي لم يفلح أيضًا في الخروج بصيغة اتفاقية، وبقيت مخرجاته تحت مسمى “استنتاجات”، قاطعها المشير خليفة حفتر.
تعدّدت المؤتمرات والملتقيات التي جمعت بين أطراف النزاع الليبي، غير أنها لم تصل إلى إيجاد الحلول التي من شأنها أن تنهي الصراع القائم منذ أحداث 2011 التي دمر خلالها حلف شمال الأطلسي كل مقومات الدولة وأنتج خرابا كبيرا وفراغا خطيرا استغله المجرمون وتجار الحرب والجماعات المسلحة التي أوصلت البلاد إلى هذا الوضع الكارثي.
والملاحظ أن البيان الذي أصدرته البعثة الأممية بشأن الإجتماع المزمع عقده في تونس،يتضمن الكثير من الغموض بشأن كل ما تم اتخاذه من آليات وترتيبات في اللقاءات السابقة في أكثر من عاصمة،وهي ترتيبات تعكس مصالح محددة للقوى الفاعلة خارجيا أكثر من تعبيرها عن حقيقة آمال الليبيين ومطالبهم بعيدا عن أصوات أمراء الحرب وجماعة”الإخوان” بالداخل؟
فهل تغيرت المعطيات وتوفرت شروط النجاح للقاء تونس المرتقب في حين فشلت كل المؤتمرات والمساعي السابقة أمميا وإقليميا في الوصول إلى حل ينهي مأساة شعبنا الليبي الشقيق؟